تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عاش الروائي (1897_1962) في ولاية المسيسبي (جنوب الويلايات المتحدة الأميركية) وقد نشأ وتعلم في بلدة أكسفورد، لكنه غادر الجامعة قبل أن يتم دراسته، ويبدو أنه في بداية حياته لم يفعل شيئا سوى التسكع والقراءة دون هدف، وعندما قامت الحرب العالمية الأولى، واشتركت فيها أميركا، لكن لم يتح له أن يلتحق بالجيش الأميركي، فتطوع في القوات الكندية.

وفي عام (1920) انتقل إلى نيويورك وعمل فيها بائعا في مكتبة، استمر في عمله بعض الوقت، ليتركه عائدا إلى أكسفورد، ويبدو أن النتيجة الوحيدة النافعة لعمله هناك هي اطلاعه على الجو الأدبي فيها، وفي أكسفورد عمل مديرا للبريد، وقد كانت إدارته فاشلة، لذلك قدّم استقالته، وقد قيل بأنه فُصل عن عمله.

بدأ حياته الأدبية شاعرا، إلا أن شعره لم يلقَ الاهتمام الكافي، فاتجه إلى الرواية بتأثير صديقه (أندرسن) وقد كان آنذاك في قمة مجده الروائي.

لم تلقَ روايات فوكنر الأولى نجاحا، إذ لم يعجب بها النقاد ولا القراء، ومع ذلك استمر في الكتابة التي تمتعه، وقد اكتشف أن مسقط رأسه يستحق الكتابة، وأنه لن يستطيع طيلة حياته الانتهاء من الكتابة عنه، ثم اتجه إلى كتابة النصوص السينمائية (سيناريو) في هوليوود، وقد كان لهوليوود تأثير كبير على الكثير من الأدباء، لكن فوكنر استطاع أن يتجنب هذا التأثير عن طريق اجتنابه لحياة هوليوود الاجتماعية، فقد كان يكتب هذه النصوص بعيدا عن دافع التحدي الفني، لأنه لم يكن راغبا في جعل هذه الكتابة أساسا لحياته ومصدر رزقه الدائم، بل رآها عملا حرفيا يؤديه بأمانة، بصورة مؤقتة، كي يتمكن من العودة إلى بلده.

وحين عاد إلى بلدته (أكسفورد) عاش فيما يشبه العزلة، ممضيا وقته بين عائلته في بيته العتيق ومزرعته الصغيرة، وقد كان يرفض الأحاديث الصحفية ولا يتبادل الرسائل إلا نادرا، وحتى الكتابة لم يكن مكثرا منها!

رواياته:

إن روايات فوكنر ليست سهلة، ولا نعتقد أنها ستكون كذلك في يوم من الأيام، والسبب أنه ابتدع أسلوبا روائيا خاصا، يعتمد تيار الوعي، فقدّم روايات مهمة، استحق عليها جائزة (نوبل) عام (1950) عندئذ ترك حياة العزلة، وبدأ حياة اجتماعية مليئة بالأسفار.

لو تأملنا خلفية رواياته لوجدناها محلية، لكن موضوعاتها الرئيسية تتخذ ملامح عامة ذات طابع شمولي إنساني.

إننا نجد في رواياته كل ما نريد أن نعرفه عن الجنوب، ونحن بصفتنا متلقين لا يهمنا كثيرا إذا كانت الصورة التي يضعها فوكنر للجنوب دقيقة أم لا، صحيح أن الحياة اليومية للجنوب أكثر مسالمة مما قد نلمسه في رواياته ذات الطابع العنيف، لعل أفضل ما قدّمه فوكنر ليس صورة عن الجنوب وإنما أزمة الجنوب، إذ استطاع أن ينفذ إلى أعماق العقل الجنوبي وإلى أعماق القلب الإنساني، فابتعد بذلك عن الواقعية الفوتوغرافية، ليصل إلى الواقعية الجديدة، فيتناول بالنقد الحياة الحديثة التي فُرضت على الجنوب كما ينتقد "انحلال القيم الخلقية تحت ضغط الروح التجارية، الثمن الكبير (الذي يدفعه الإنسان) ومخاوف العزلة في مجتمع فقدت شخصية الفرد فيه سماتها الرئيسية، انهيار الحساسية الفردية وطيبة الناس أمام الجشع والسوقية .... " (6)

رواية "الصخب والعنف":

تعد رواية "الصخب والعنف" أولى روايات وليم فوكنر، نشرها عام (1929) لاقت إقبالا كبيرا من النقاد فقد عدّت رواية الروائيين، في تركيبها الفني الذي مازال في جماله وبراعته معجزة من معجزات الخيال، دون أن يعني هذا القول أنها بعيدة عن المؤثرات الأدبية والعلمية الأخرى خاصة منجزات علم النفس الحديث (على يد كل من فرويد ويونغ) فقد استطاع فوكنر أن يسرد الأحداث على عدة مستويات من الزمن والوعي، لذلك غابت علامات الترقيم عن تياراته، في كثير من الأحيان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير