تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الرمز: تمثل لنا أسرة كومبسون مجتمع الجنوب وقد انهار أمام قيم الشمال، فجسد جاسن (بحقارته وأنانيته وساديته وماديته) قوى التصدع الناشئة عن الأسرة العريقة نفسها، كما تمثلها كادي في شكل آخر هو الانطلاق الجنسي، أما كونتن فيمثلها بعشقه للموت وانتحاره، والأب بتهربه من الواقع والأم بكآبتها.

ويمكن أن نجد في كل شخصية من الشخصيات الأربع (جاسن، كادي، بنجي، كونتن) رمزا لأحد مستويات اللاوعي في الإنسان التي حدثنا عنها فرويد.

بنجي: الإنسان الأول، يمثل "الهو" أي البدائية والبراءة المطلقة، لذلك تجسد في مجموعة من الأحاسيس فقط

كونتن: "يمثل الأنا الأعلى" (العقل الأعلى) أي الأخلاق والقيم والضمير.

جاسن: يمثل "الأنا "العقل الأدنى" (الأنانية والتوفيق بين الهو والأنا الأعلى).

كادي وابنتها (كونتن) يمثلان الطاقة الجنسية (الليبيدو)

أما البيت العريق، الذي يحتوي كل القيم الرفيعة المتوارثة عبر الأجداد، فقد انهار بانهيار أهله، لهذا يتعرض البيت للبيع ويتحول إلى نزل يسكنه الغرباء، فقد انتهى ذلك العهد الذي كان البيت يجسد قيم الحب والأمان والعلاقات الحميمة، إذ سطت القيم المادية الشمالية على كل شيء، وبذلك تغيرت ملامح البيت الإنسانية، ليتحول هذا البيت إلى مكان عام موحش، لا يعرف دفء العلاقات الإنسانية، كأن الكاتب يريد أن يقول إن أي بيت لا يسوده الحب وتطغى الأنانية عليه، لابد أن ينهار ويمتهن فيسكنه الغرباء.

إن انهيار المنزل العريق رمز لانهيار الجنوب بأسره أمام قيم غازية، تدمر إنسانية الإنسان، وتشيع الفساد في حياته، فقد باتت القيم الاستهلاكية هي أساس الوجود الإنساني، ومثل هذه القيم لا يمكن أن نجدها في بيت أسرة عريقة.

اللغة والبناء الفني: تقترب اللغة، في هذه الرواية، (في الفصلين الأولين) من لغة الشعر، خاصة أنها كانت تعبر عن عوالم داخلية، في أغلب الأحيان، لا تستطيع اللغة العادية توصيل اضطرابها وشفافيتها، وتوثبها من زمن لآخر، كما لا تستطيع تجسيد الحالة النفسية للشخصية المأزومة إلا عبر لغة مكثفة غنية بإيحاءاتها شفافة في دلالاتها.

وقد بدت لنا اللغة متنوعة تنوعا مدهشا، يتناسب وتنوع الشخصيات في هذه الرواية، فشخصية المعتوه تسيطر على تيار وعيه لغة المحسوسات والمرئيات والمسموعات، (أحب ثلاثة أشياء: زهر العسل، النار، كادي) في حين سيطرت على تيار وعي (كونتن) الطالب المثقف لغة المجردات (الشرف، والزمن) نظرا لمجموعة القيم التي يؤمن بها، والتي أحس بالانهيار لتداعيها.

أما لغة جاسن، فقد بدت لنا لغة العالم الاستهلاكي، إذ ابتعدت عن لغة الشعر لتسقط في لغة الأرقام، ولذلك وجدناه يحاور العالم الخارجي أكثر مما يحاور أعماقه، لأنه عبر هذا الحوار يستطيع إنجاز مكاسب مادية تجعله يبز يهود نيويورك على حد قوله!

إذا امتزجت في هذه الرواية طريقتا التعبير: الحديثة والتقليدية، من أجل أن يستطيع الكاتب التعبير عن عوالم شخصياته بشكل أفضل، وبذلك يبدو لنا أكثر اقترابا من التجسيد الحقيقي للشخصية، وربما لهذا السبب فصل فوكنر بين شخصياته، ولم يمزج تداعياتها، بل جعل لكل شخصية فصلا خاصا بها، ومنحها يوما تفضي به عن ذاتها:

الفصل الأول: بنجي (تاريخ 7 نيسان 1928)

الفصل الثاني: كونتن (تاريخ 2 حزيران 1910)

الفصل الثالث: جاسن (تاريخ 6نيسان 1928)

الفصل الرابع: الراوي يتحدث عن دلزي (8نيسان 1928)

بالإضافة إلى هذا الفصل بين الشخصيات حاول المؤلف أن يساعد المتلقي بوسيلتين شكليتين تبرزان مستويات الزمن والوعي، أي تنسجمان مع المضمون وتحاولان تنظيمه:

الأولى: استخدام الحرف المائل ( italic) باللغة الإنكليزية، كلما تحول السرد فجأة، ولو كان في وسط الجملة، من الحاضر إلى الماضي، أو من الماضي أو ما قبله، أو من القول اللاواعي، أو من الحدث الجاري إلى الحدث المتذكر، في الترجمة العربية استخدم المترجم الحرف الأسود العريض ليقوم مقام الحرف المائل في اللغة الإنكليزية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير