وما إن بها ضن بما في وعائها ولكنها من خيفة الجوع أ
مصعلكة لايقصر الستر دونها ولا ترتجي للبيت إن لم تبيت
يتحد ث الشاعر في هذا القسم عن قصة غزو قام بها الشنفرى ومجموعة من رفاقه وفي طليعتهم تأبط شراً لأخذ الثار من قاتل أبيه، ويتمحور هذا القسم حول دوائر ثلاثة، أولاً: الفخر بذاته والالتزام بها. ثانيا: المجتمع الجمعي وقوانينه.ثالثا: ألآت الحرب كسيف واسهم والقوس.فهو يظر في هذه الأبيات الجانب الذكوري متمثلا ً في نفسه وصديقة وذكر أنهم جهزوا أ نفسهم للغزو وحملوا القسي الحمر وخرجوا راجلين. وقد حمل زادهم تأبط شرا الذي أخذ يقتر عليهم في الطعام، خشية أن تطول بهم الغزو ة، فينفد زادهم ويموتوا جوعاً، وقد نعته (بأم عيال) لأن العرب تقول للرجل الذي يقوم على طعام القوم وخدمتهم هو أمهم.
ويبرز الشاعر التكامل بين الأنموذجين نراه يركز على وفاء وإخلاص تأبط شراً ورفاقه الذين هبوا لمساعدته من اجل الأخذ بالثأر من قاتل أبيه مثلما ركز على وفاء أميمة وإخلاصها في المقدمة.
لها وفضة فيها ثلاثون سيحفا إذا آنست أولى العديّ اقشعرت وتأتي العديّ بارزاً نصف ساقها تجول كعير العانة المتلفت
إذا فزعوا طارت بأبيض صارم ورامت بما في جفرها ثم سلت
حسام كلون الملح صاف حديده جراز كأقطاع الغدير المنعت
تراها كأذناب الحسيل صودراً وقد نهلت من الدماء وعلت
و ينتقل الشاعر إلى الحديث عن الدائرة الثالثة التي تشمل السلاح بأنواعه للتوكيد القوة ويدخل ضمن دائرة الفخر.والشاعر يبن أن في جعبته سهام متهيئة للقتال بهمة حامليها. والسيوف القاطعات كأنها قطع الماء في الغدير لمعاناً. وهي دائما متحركة كأذناب أولاد البقر، حين رؤية أمهاتها، وتنهل السيوف وتعل من دماء الأعداء. ويشبه بياض السيف ببياض الملح، ولا يكتفي بذلك بل يلجأ إلى أسلوبه الغالب على شعره، وهو التصوير البارع المستمد من بيئته. فيقول بعد ذكر اللون والصفات المألوفة أن السيف يشبه أقطاع الغدير أو احد أذناب الحسيل.
فالبناء الفخري عند الشنفرى يرتكز على الأنا بما تسببه البيئة حوله والحالة النفسية، كما يرتكز على على الاعتماد على السلاح للدفاع عن النفس ليبرز قوته وكتفائه بذاته.
ألالاتعدني إن أشتكيت خلتي شفاني بأعلى ذي البريقين عدوتي
فالشاعر لم يكتف بالاعتماد على الأسلحة المادية والشخصية فقط. بل اعتمد على سرعته في العدو التي هي صفة مشتركة عند اغلب شعراء الصعاليك. لذا نرى الشنفرى يعتبر عدوه وغزوه شفاءً لنفسه من كل شيء.
إذا ماأتتني ميتتي لم أُبالها ولم تُذر خالاتي الدموع وعمتي
ولولم أرم في أهل بيتي قاعداً أتتني إذا بين العمودين حمتي
الشنفرى يؤكد أن الموت ليس مفزعاً ولا مخوفاً لديه لأنه مستعد لاستقباله دائماً وما يزيد ثباته أنه لن يكون هناك عمات ولاخالات تبكي عليه، فهو يعيش بعيداً عن الناس.
وبما أن حياة الصعاليك عامة قائمة على الصراع، إلا إن الشنفرى حياته في غربة متواصلة فإحساسه بمرارة الغربة منذ الصغر عندما اكتشف انه ليس من القبيلة التي يعيش بينهم، وزادت غربته بعدما قرر ان يتصعلك ليثأر من قاتل آبيه، وينتقم من المجتمع الذي حرمه حقوقه.
قتلنا قتيلاً محرما بملبد جمار منىً وسط الحجيج المصوت
جزينا سلامان بن مفرج قرضها بما قدمت أيديهم وأزلت
وهنيء بعبد الله بعض غليلنا وعوف لدى المعدي أوان استهلت
يتحدث الشاعر عن نتيجة الغزوة التي قام بها ورفاقه ويبن أهم قتلوا محرماً بمنىً ساق هديه على الكعبة وهو قاتل أبا الشنفرى، كما قتلوا بعض من رافقوه ومن لم يقتل أخذوه أسيرا. ويبدو أن هيمنة قضية الأخذ بالثأر جعلته لايحترم تقاليد مجتمعه الدينية، وشفوا غليلهم أيضا بعبد الله وعوف من بني سلامان بن مفرج، لأنهم آسروه وهو صغير فنشأ فيهم فلما أساءوا إليه وعلم بأمره غضب وتصعلك،وعاهد نفسه أن يقتل مئة رجل منهم بما استعبدوه ثم انه مازال يقتلهم حتى قتل تسعاً وتسعين رجلاً.وبعد قتله مر به رجل من بيني سلامان فضرب جمجمة الشنفري بقدمه فعقرت قدمه فمات منها فتمت به المئه.
خاتمة القصيدة:
¥