تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

غرّاء فرعاء مصقولٌ عوارضها = تمشي الهوينا كما يمشي الوجى الوجل

كأنّ مشيتها من بيت جاريتها = مرّ السّحابة لا ريثٌ ولا عجلفقد وصفها كما ترى بالضّخم، ولكنّه يذكر أفراطاً.

وقال الأحوص:

من المدمجات اللّحم جدلاً كأنّها = عنانٌ ضاع أنعمت أن تجوّدا

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[14 - 01 - 2008, 03:20 ص]ـ

وحكى الصولي في كتاب الأخبار المنثورة، من تأليفه، قال: كان الحسن بن رجاء الكاتب

يهوى جارية من القيان، وكان إسماعيل بن بلبل يهواها، فكانا يتنافسان فيها، فلما تقلد

إسماعيل الوزارة ملك الجارية وأحسن إليها، ثم سألها يوماً: هل في نفسك شيء لم تبلغيه

؟ فقالت: قد بلغت كل ما أُحب وزيادة، ولم يبق في نفسي إلا قدح بلور مصنوع مورد كان

عند الحسن بن رجاء، فكنت إذا زرته ناولنيه، فتقدم أبو الصقر إلى أبي بكر ابن أُخته

بإحضار الحسن ومطالبته بالقدح عفواً أو عسفاً؛ فركب أبو بكر إليه، وجلس عنده،

فحادثه ثم قال له: قد جئتك في حاجة وما أحسبك تردني عنها، فقال له: كل ما عندي

فلك! قال: قدح البلور المورد تمنحني إياه. قال: قد انكسر! قال: فأعطني كسره! فقال:

ما ظننت أني أُطالب بزجاج قد انكسر فأحتفظ به! فقال: إن هذا الرجل قد صارت له

يد وسلطان، ولأن تهديه إليه وتمتن عليه أحسن من أن تكاشفه وتعاديه! فقال: أما

لسؤالك فأفعل، ولكن على شريطة، توصل لي معه أبياتاً، فقال: أفعل، فأنفذ إليه القدح ومعه

رقعة فيها أبيات:

سلّم على أربع بالكرخ تقلاها = من أجل جاريةٍ فيهنّ أهواها

تمكنت نوب الأيّام منك بها = والدهر إن أسلف الحسنى تقاضاها

يا بؤس قلبك ما أقصى مراميه = وشجو نفسك ما أدنى بلاياها

وطيب عيشٍ مضى ما كان أحسنه = لو أنّ أيامنا منه نملاّها

إليك أشكو أبا بكرٍ هوىً بجوىً = أطعته مرضياً نفسي فعاصاها

فأسعد الصبّ إن كنت امرأً غزلا = واعطف على ذي البلا إن كنت أوّاها

قد جاءك القدح المسلوب بهجته = مذ حيل دون التي أدنت له فاها

خذه إليك عزيزاً أن يجاد به = لو أن إحدى ليالينا كأُولاها

فلما قرأ إسماعيل الأبيات وأخذ القدوح رق له، فقلده أصبهان وأخرجه إليها.

كتب لأبي الصقر إسماعيل بن بلبل في وزارته للمعتمد، وكان قد امتحن بصاعد بن مخلد

الوزير قبل أبي الصقر، ورجا الحسن بن مخلد، فلما ولي لقي منه أكثر مما لقي من صاعد

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[14 - 01 - 2008, 03:26 ص]ـ

قالت: نعم عبدٌ لآل فلان. فأمر بابتياعه وأعتقه ثمّ زوّجها إيّاه، وأمر لهما بمالٍ.

أرجعه من اليمن وزوّجه من يحب

حجّ الرّشبد سنة إحدى عشرة من خلافته، فلمّا نزل بالكوفة، بعد قفوله من الحج، دعا

إسماعيل بن صبيح فقال: إنّي أردت الليلة أن أطوف في محال الكوفة وقبائلها فتأهبّ لذلك،

قلت: نعم. فلمّا مضى ثلث الليل قام وقمت معه، وركب حماراً وركبت أنا آخر، ومعي

خادمٌ ومعه خادمٌ من خاصّة خدمه. فلم نزل نطوف المحال والقبائل حتّى انتهينا إلى النّخع

فسمعنا كلاماً. فقال الرّشيد لأحد الخادمين: أدن من الباب وتعرّف ما هذا الكلام؟ فتطلّع

من موضعٍ في الباب فرأى نسوةً يغزلن حول مصباحٍ وجاريةٍ منهنّ تنشد شعراً وتردّد أبياته

وتتبّع كلّ بيتٍ برنةٍ وأنّةٍ، وتبدي زفرةً: وتفيض عبرةً، والنّسوان اللواتي معها يبكين لبكائها

فحفظ الخادم من شعرها هذه الأبيات:

هل أرى وجه حبيبٍ شفني، = بعد فقدانيه، أفراط الجزع؛

قد برى شوقي إليه أعظمي = وبلى قلبي هواه وفزع.

ليت دهراً مرّ، والقلب به = جذلٌ، والعيش حلوٌ قد رجع؛

وعفت آثاره منه فيا، = ليت شعري، ما به الدّهر صنع؟

قد تمسّكت على وجدي به = بجميل الصّبر، لو كان نفع. فقال للخادمين: أعرفا الموضع إلى غد. ورجعنا إلى البصرة، فلمّا طلع الفجر وفرغ من

صلاته وتسبيحه، قال للخادمين: أمضيا إلى الدّار فإن كان فيها رجلٌ من وجوه الحيّ فجيئا

به حتّى أسأله عمّا أريده. فسار الخادمان إلى الدّار فلم يجدا فيها رجلاً، فدخلا إلى

مسجد الحيّ فقالا لأهله: أمير المؤمنين يقرأ عليكم السّلام ويقول لكم: أحببت أن يجيئني

منكم أربعةً أسألهم عن أمرٍ. قالوا: سمعاً وطاعةً. وقاموا معهما فدخلوا على الرّشيد،

فقرّبهم وأدناهم، وقال لهم: طفت البارحة في بلدكم تفقّداً لأحوالكم، فسمعت في دارٍ من

دياركم امرأةً تنشد شعراً وتبكي. وقد خفت أ تكون مغيبةً، وأنّ نزاع النّفس أهون من

نزاع الشّوق، وقطع الأوصال أهون من قطع الوصال، وقد أحببت أن أعرف خبرها منكم.

قالوا: يا أمير المؤمنين، هذه البارعة بنت عوف بن سهم كان أبوها زوّجها ابن عمٍّ لها يقال

له سليمان بن همام على عشرة آلاف درهمٍ، فهلك أبواهما من قبل أن يجتمعا، فاكتتب

زوجها مع عاملك إلى اليمن لقلّة ذات يده، وخرج منذ خمس سنين، فحزنت عليه، وطال

شوقها إليه، فهي تنشد الأشعار فيه وتستريح إلى ذكره. فأمر الرّشيد من ساعته أن يكتب

إلى عامله باليمن في حمل سليمان بن همام على البريد إلى حضرته إلى بغداد.

فما مضت أيّامٌ بعد وصول الرّشيد حتّى دخل عليه إسماعيل بن صبيح، فقال: يا أمير

المؤمنين قد وصل النّخعي الذي أمرت بحمله إليك. فأمر بإدخاله عليه، فنظر إلى رجلٍ

معتدل القامة، ظاهر الوسامة، ذرب اللسان، حسن البيان، فقال: أنت سليمان بن همام؟

قال: نعم، يا أمير المؤمنين. قال له: أقصص عليّ خبرك! فقصّ عليه الخبر فوجده مطابقاً لمّا

خبّره به الأربعة النّفر، فأمر له بعشرين ألف درهمٍ، فأخذ ذلك من يومه ورحل إلى الكوفة

فدخل بأهله وكان الرّشيد يتعاهده ببرّه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير