تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[16 - 01 - 2008, 11:13 م]ـ

كلام امرأة أبي الأسود الدؤلي

كان أبو الأسود الدؤلي من أكبر الناس عند معاوية بن أبي سفيان وأقربهم مجلساً وكان لا ينطق إلا بعقل ولا يتكلم إلا

بعد فهم فبينا هو ذات يوم جالساً وعنده وجوه قريش وأشراف العرب إذ أقبلت امرأة أبي

الأسود الدؤلي حتى حاذت معاوية وقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته

ان الله جعلك خليفة في البلاد ورقيباً على العباد يستسقي بك المطر ويستثبت بك الشجر

وتؤلف بك الأهواء ويأمن بك الخائف ويردع بك الجانف فأنت الخليفة المصطفى والإمام

المرتضى فاسأل الله لك النعمة في غير تغيير والعافية من غير تعذير لقد ألجأني إليك يا أمير

المؤمنين أمرٌ ضاق علي فيه المنهج وتفاقم عليّ فيه المخرج لأمرٍ كرهت عاره لما خشيت

إظهاره فلينصفني أمير المؤمنين من الخصم فإني أعوذ بعقوته من العار الوبيل والأمر الجليل

الذي يشتد على الحرائر ذوات البعول الأجائر فقال لها معاوية ومن بعلك هذا الذي تصفين

من أمره المنكر ومن فعله المشهر قال فقالت هو أبو الأسود الدؤلي قال فالتفت إليه فقال يا

أبا الأسود ما تقول هذه المرأة قال فقال أبو الأسود هي تقول من الحق بعضاً ولن يستطيع

أحد عليها نقضاً أما ذكرت من طلاقها فهو حق وأنا مخبر أمير المؤمنين عنه بالصدق والله

يا أمير المؤمنين ما طلقتها عن ريبة ظهرت ولا لأي هفوة ولكني كرهت شمائلها فقطعت عني

حبائلها فقال معاوية وأي شمائلها يا أبا الأسود كرهت قال يا أمير المؤمنين إنك مهيجها عليّ

بجواب عتيد ولسان شديد فقال له معاوية لا بد لك من محاورتها فاردد عليها قولها عند

مراجعتها فقال أبو الأسود يا أمير المؤمنين إنها كثيرة الصخب دائمة الذرب مهينة للأهل

موذية للبعل مسيئة إلى الجار مظهرة للعار إن رأت خيراً كتمته وإن رأت شراً أذاعته قال

فقالت والله لولا مكان أمير المؤمنين وحضور من حضره من المسلمين لرددت عليك بوادر

كلامك بنوافذ أقرع كل سهامك وإن كان لا يجمل بالمرأة الحرة أن تشتم بعلاً ولا أن تظهر

لأحد جهلاً فقال معاوية عزمت عليك لما أجبته قال فقالت يا أمير المؤمنين ما علمته إلا

سؤلاً جهولاً ملحاً بخيلاً إن قال فشر قائل وإن سكت فذو دغائل ليث حين يأمن وثعلب

حين يخاف شحيح حين يضاف إن ذكر الجود انقمع لما يعرف من قصر شأنه ولؤم آبائه

ضيفه جائع وجاره ضائع لا يحفظ جاراً ولا يحمي ذماراً ولا يدرك ثأراً أكرم الناس عليه

من أهانه وأهونهم عليه من أكرمه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتي به هذه المرأة من

السجع قال فقال أبو الأسود أصلح الله أمير المؤمنين إنها مطلقة ومن أكثر كلاماً من مطلقة

فقال لها معاوية إذا كان رواحاً فتعالي أفصل بينك وبينه بالقضاء قال فلما كان الرواح

جاءت ومعها ابنها قد احتضنته فلما رآها أبو الأسود قام إليها لينتزع ابنه منها فقال له

معاوية يا أبو الأسود لا تعجل المرأة أن تنطق بحجتها قال يا أمير المؤمنين أنا أحق بحمل ابني

منها فقال له معاوية يا أبا الأسود دعها تقل فقال يا أمير المؤمنين حملته قبل أن تحمله

ووضعته قبل أن تضعه قال فقالت صدق والله يا أمير المؤمنين حمله خفاً وحملته ثقلاً

ووضعه بشهوة ووضعته كرهاً أن بطني لوعاؤه وإن ثديي لسقاؤه وإن حجري لفناؤه قال

فقال معاوية سبحان الله لما تأتين به فقال أبو الأسود أنها تقول الأبيات من الشعر فتجيدها

قال فقال معاوية أنها قد غلبتك في الكلام فتكلف لها أبياتاً لعلك تغلبها قال فأنشأ

أبو الأسود يقول:

مرحباً بالتي تجور علينا = ثم سهلاً بالحامل المحمول

أغلقت بابها عليّ وقالت = إن خير النساء ذات البعول

شغلت نفسها عليّ فراغاً = هل سمعتم بالفارغ المشغول

قال فأجابته وهي تقول:

ليس من قال بالصواب وبالحمق = كمن جار عن منار السبيل

كان ثديي سقاءه حين يضحي = ثم حجري فناؤه بالأصيل

لست أبغي بواحدي يا بن حرب = بدلاً ما علمته والخليل

قال فأجابها معاوية:

ليس من غذاه حيناً صغيراً = وسقاه من ثديه بخذول

هي أولى به وأقرب رحماً = من أبيه بالوحي والتنزيل

أم ما حنت عليه وقامت = هي أولى بحمل هذا الضئيل

قال فقضي لها معاوية عليه واحتملت ابنها وانصرفت.

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[17 - 01 - 2008, 03:36 ص]ـ

من أخبار ليلى مع النابغة الجعدي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير