أما (واسط) فما أدراك ما واسط
يقول أيضا صاحب خزانة الأدب
"و واسط هنا: موضع بجزيرة ابن عمر في الموصل، وهو من مواضع بني تغلب التي ينزلون بها.
وقال ابن السيرافي: واسط هنا: موضع بنواحي الشام. وغلطه الأسود أبو محمد الأعرابي في فرحة الأديب، فقال: ليس بنواحي الشام موضع يقال له: واسط، والذي في البيت واسط الجزيرة. وأخبرني أبو الندى، قال: للعرب سبعة أواسط: واسط نجد، وهو الذي ذكره خداش بن زهير: الطويل
عفا واسطٌ أكلاؤه فمحاضره ... إلى حيث نهيا سيله فصدائره
وواسط الحجاز، وهو الذي ذكره كثير: الطويل
أجدوا فأما آل عزة غدوةً ... فبانوا وأما واسطٌ فمقيم
وواسط الجزيرة، وهو الذي ذكره الأخطل في ذاك البيت، وفي بيته الآخر: الطويل
عفا واسطٌ من آل رضوى فنبتلٌ ... فمجتمع الحرين فالصبر أجمل
وواسط اليمامة وهو الذي ذكره الأعشى في شعر، وواسط العراق. وقد أنسيت اثنين. انتهى كلامه.
وقد أبعد السيوطي في قوله: واسط: بلد بالعراق اختطها الحجاج، وتبعه ابن الملا.
وقال ياقوت في معجم البلدان، قال أبو حاتم: واسط التي بنجدٍ والتي بالجزيرة يصرف ولا يصرف.وأما واسط البلد المعروف فمذكر، لأنهم أرادوا بلداً واسطاً، أو مكاناً واسطاً، فهو منصرف على كل حال. والدليل على ذلك قولهم: واسط بالتذكير، ولو ذهب به إلى التأنيث لقالوا: واسطة.
قالوا: وقد يذهب به مذهب البقعة، والمدينة فيترك صرفه. وأنشد سيبويه في ترك الصرف: البسيط
منهن أيام صدقٍ قد عرفت بها ... أيام واسط والأيام من هجرا
ولقائل أن يقول: إنه لم يرد واسط هذه. فيرجع إلى ما قاله أبو حاتم: وسميت مدينة الحجاج واسطاً لأنها متوسطة بين البصرة والكوفة، لأن منها إلى كل واحدة منها خمسين فرسخاً، لا قول فيه غير ذلك إلا ما ذهب إليه بعض أهل اللغة حكاية عن ابن الكلبي، أنه كان قبل عمارة واسط هنا موضع يسمى: واسط قصب، فلما عمر الحجاج مدينته سماها باسمها. والله أعلم.
وشرع الحجاج في عمارة واسط سنة أربع وثمانين، وفرغ منها في سنة ست وثمانين، فكان عمارتها في عامين، في العام الذي مات فيه عبد الملك بن مروان، ولما فرغ منها كتب إلى عبد الملك: إني اتخذت مدينة في كرش من الأرض، بين الجبل والمصرين، وسميتها واسطاً. فلذلك سمي أهل واسط الكرشيين.
وفي الأمثال: تغافل واسطي، قال المبرد: سألت عنه التوزي، فقال: إن الحجاج لما بناها، قال: بنيت المدينة في كرشٍ من الأرض.
فسمي أهلها الكرشيين، فكان إذا مر أحدهم بالبصرة نادوا: يا كرشي فتغافل عن ذلك ويري أنه يسمع، وأن الخطاب ليس معه، ولقد جاءني بخوارزم أحد أعيان أدبائها، وسألني عن هذا المثل، وقال لي: قد أطلت السؤال عنه، فلم أظفر به، ولم يكن لي في ذلك الوقت علم به، حتى وجدته بعد ذلك فأثبته.
وأنشد التنوخي لفضل الرقاشي: الوافر
تركت عيادتي ونسيت بري ... وقدماً كنت بي براً حفياً
فما هذا التغافل يا ابن عيسى ... أظنك صرت بعدي واسطياً
انتهى.
وقال ابن الملا: المثل: تغافل كأنك واسطي، لأنه كان يتسخرهم في البناء فيهربون، وينامون بين الغرباء في المسجد، فيجيء الشرطي، يقول: يا واسطي. فمن رفع رأسه أخذه، فلذلك كانوا يتغافلون. هذا كلامه. وهو بعيد.
ثم قال ياقوت: واسط أيضاً قرية متوسطة بين بطن مر، ووادي نخلة.
وواسط أيضاً: قرية مشهورة ببلخ.
وواسط أيضاً: قرية بحلب قرب بزاعة مشهورة عندهم، وبالقرب منها قرية يقال لها: الكوفة.
وواسط أيضاً: قرية بالخابور قرب قرقيساء، وإياها عني الأخطل فيما أحسب، لأن الجزيرة منازل تغلب:
عفا واسطٌ من ارض رضوى فنتبل
وواسط أيضاً: قرية بدجيل، على ثلاثة فراسخ من بغداد.
وواسط أيضاً: موضع بين العذيب والصفراء.
وواسط أيضاً: من منازل بني قشير لبني أسيدة.
وواسط أيضاً: بمكة، قال الفاكهي: واسط: قرن كان أسفل من جمرة العقبة بين المأزمين، فضرب حتى ذهب، قال: ويقال له: واسط لأنه بين الجبلين اللذين دون العقبة.
وواسط أيضاً: بليدة بالأندلس من أعمال قبرة.
وواسط أيضاً: قرية كانت قبل واسط في موضعها، كانت تسمى واسط القصب، أخربها الحجاج وبني مدينته واسطاً.
وواسط أيضاً: قرية قرب مطيراباذ قرب حلة بني مزيد، يقال لها: واسط مرزاباد.
وواسط أيضاً: قرية باليمن بسواحل زبيد، قرب العنبرة.
وواسط أيضاً: مواضع في بلاد بني تميم."
سامحني يارؤبة فأنا لن أستطيع قراءة القصيدة بهذه الطريقة ;)
والعجب كل العجب لابن النصرانية: p
ـ[السليك بن سلكه]ــــــــ[09 - 01 - 2008, 09:51 م]ـ
قصيدة جمياة يا رؤبة بن العجاج
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[12 - 01 - 2008, 12:47 ص]ـ
وقف جريرٌ على باب عبد الملك بن مروان والأخطل داخل عنده، وقد كانا تهاجيا ولم يلق أحدهما صاحبه. فلما استأذنوا لجرير أذن له فسلم وجلس، وقد عرفه الأخطل، فطمح بصر جرير إليه فقال له: من أنت؟
فقال: أنا الذي منعت نومك وهضمت قومك.
فقال له جريرٌ: ذاك أشقى لك كائناً من كنت. ثم أقبل على عبد الملك فقال: من هذا يا أمير المؤمنين؟
فضحك وقال: هذا الأخطل يا أبا حزرة.
فرد بصره إليه وقال: فلا حياك الله يا ابن النصرانية! أما منعك نومي فلو نمت عنك لكان خيراً لك. وأما تهضمك قومي فكيف تهضمهم وأنت ممن ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضبٍ من الله! إيذن لي يا أمير المؤمنين في ابن النصرانية.
فقال: لا يكون لك بين يدي. فوثب جريرٌ مغضباً.
فقال عبد الملك: قم يا أخطل واتبع صاحبك، فإنما قام غضباً علينا فيك، فنهض الأخطل.
فقال عبد الملك لخادم له: انظر ما يصنعان إذ برز له الأخطل.
فخرج جرير فدعا بغلام له فقدم إليه حصاناً له أدهم فركبه وهدر والفرس يهتز من تحته
وخرج الأخطل فلاذ بالباب وتوارى خلفه، ولم يزل واقفاً حتى مضى جرير. فدخل الخادم إلى عبد الملك فأخبره، فضحك وقال: قاتل الله جريراً! ما أفحله! أما والله لو كان النصراني برز إليه لأكله.
(الأغاني)