تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمهم أنه إذا اختلف حفاظ الحديث في تعديل رجل، أو تجريحه، وكان أحدهما أقرب إلى معرفة الموصوف من الاخر، فإننا نأخذ بقول من هو أقرب إليه، وأعلم بحاله من غيره.

أما إن تساوى الأمران بأن كان كل واحد منهما بعيداً عن ذلك الشخص، أو جهلنا الأمر في ذلك.

فقد اختلف العلماء: هل نأخذ بالتعديل، أو نأخذ بالتجريح، بناء على أنه هل الأصل في الإنسان العدالة، أو الأصل فيه عدم العدالة؟

فمن قال: إن الأصل العدالة، أخذ بالعدالة.

ومن قال: إن الأصل عدم العدالة، أخذ بالجرح، وردَّ روايته.

وفصَّل بعضهم فقال: يقبل منهما ما كان مفسراً، والمفسَّر مثل أن يقول: المعدل الذي وصفه بالعدالة: هو عدلٌ، وما ذكر فيه من الجرح فقد تاب منه، مثل: أن يُجرح بأنه يشرب الخمر.

فيقول الذي وصفه بالعدالة: هو عدل وما ذُكرَ عنه من شْرب الخمر فقد تاب منه. إذاً نُقدِّم المفسَّر، لأنه معه زيادة علم، فقد علم أنه مجروح بالأول، ثم زال عنه ما يقتضي الجرح.

وإن كان الأمر بالعكس بأن قال الجارح: هذا الرجل ليس بعدل، لأنه مدمن على شرب الخمر، ففي هذه الحالة نقدِّم الجارح.

وإن لم يكن أحدهما مفسِّراً، أو فَسَّرا جميعاً شيئاً عن الراوي، فهنا نقول: إن كان الجرح أو التعديل غير مفسر، فينبغي أن نتوقف إذا لم نجد مرجحاً، فالواجب التوقف في حال هذا الرجل.

وليُعلم أن بعض علماء الحديث عندهم تشدد في التعديل، وبعضهم عندهم تساهل في التعديل.

يعني أن بعضهم من تشدده يجرح بما لا يكون جارحاً.

ومنهم من يكون على العكس فيتساهل فيعدَّل من لا يستحق التعيدل، وهذا معروف عند أهل العلم، فمن كان شديداً في الرواة فإن تعديله يكون أقرب للقبول ممن كان متساهلاً، وإن كان الحق أن يكون الإنسان قائماً بالعدل لا يشدد ولا يتساهل، لأننا إذا تشددنا فربما نرد حديثاً صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم، بناء على هذا التشدد، وكذا ما إذا تساهل الإنسان، فربما ينسب حديثاً إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، وهو لم يصحّ ثبوته إليه بسبب هذا التساهل.

وهو كما ترى كلام مجمل وقواعد عامة تحتها تفصيلات كثيرة فهو علم قائم بذاته له رجاله ومصنفاته (علم الجرح والتعديل)

ـ[أم أسامة]ــــــــ[22 - 06 - 2008, 06:31 ص]ـ

هناك كتاب (ولا يزالون مختلفين) لشيخ سلمان العوده ـ حفظه الله ـ لعله يفيدك.

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 12:58 ص]ـ

حدث ابن دريد قال: أخبرني الرياشي، يرفعه عن الفرزدق، قال: أبق غلام لرجلٍ من نهشل فخرجت في طلبه أريد اليمامه، وأنا على ناقةٍ لي عيساء، فلما صرت على ماء لبني حنيفة ارتفعت سحابةٌ فرعدت وبرقت وأرخت عزاليها، فعدلت إلى بعض ديارهم، فسألتهم القرى، فأجابوا، فأنخت ناقتي، وجلست تحت بيتٍ لهم من جريد النخل، وفي الدار جويرية سوداء، وفتاة كأنها فلقة قمرٍ، فسألت السوداء: لمن هذه العيساء؟ فأشارت إلي وقالت: لضيفكم هذا. فعدلت إلي فسلمت، وقالت: ممن الرجل؟ قلت: من بني تميم. قالت: من أيهم؟ قلت: من بني نهشل. قالت: فأنت الذين يقول لكم الفرزدق:

إنّ الذي سَمَكَ السماءَ بنى لَنَا = بَيتاً دَعَائِمُهُ أعزُّ وَأَطْوَلُ

بَيْتٌ زرَارَةُ محْتَبٍ بِفِنَائِهِ = ومُجاشِعٌ وأبو الفَوَارِسِ نهشَلُ

قلت: نعم. قال: فضحكت، وقالت: فإن جريراً هدم عليه بيته حيث يقول:

أخزي الذي سمك السّماء مجاشعاً = وأحلّ بيتك بالحضيض الأسفل

قال: فأعجبتني، فلما رأت ذلك في عيني قالت: أين تؤم؟ قلت: اليمامة. فتنفست الصعداء ثم قالت:

تَذَكَّرْتُ اليَمامَةَ، إنَّ ذِكري = بِها أهلَ المُرُوءةِ والكَرَامَة ْ

ألا فَسَقى المَلِيكُ أجَشَّ جَوناً = يجودُ بِسَحّهِ تلكَ اليَمامَة ْ

أُحيّي بالسّلامِ أبَا نجِيدٍ = وأهْلٌ للتّحِيّةِ والسّلامَة ْ

قالت: فأنست بها، فقلت: أذات خدين أنت أم ذات بعلٍ؟ فقالت:

إذا رَقَدَ النّيامُ فإنّ عَمراً = هُوَ القَمَرُ المُنيرُ المُسْتَنيرُ

وما لي في التّبَعّلِ من مِرَاحٍ = ولوْ رُدّ التّبَعّلُ لي أسيرُ

ثم سكت كأنها تسمع كلامي فأنشأت تقول:

تخيَّلَ لي، أبا كعب بن عمرو = بأنَّك قد حُمِلتَ على سريرِ

فإن يكُ هكذا، يا عمرو، إني = مُبكِّرةٌ عليكَ إلى القبورِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير