تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والفرزدق. فقال له الفرزدق: إنما تفضله لأنه فاسق مثلك. فقال: لو فضلته بالفسق

لفضلتك.

قال ابن النطاح قال لي إسحاق بن مرار الشيباني: الأخطل عندنا أشعر الثلاثة. فقلت:

يقال إنه أمدحهم!

فقال: لا والله! ولكن أهجاهم. من منهما يحسن أن يقول:

ونحن رفعنا عن سلول رماحنا = وعمداً رغبنا عن دماء بني نصر

أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن موسى عن أحمد بن الحارث عن المدائني

قال:

قال الأخطل: أشعر الناس قبيلةً بنو قيس بن ثعلبة، وأشعر الناس بيتاً آل أبي سلمى وأشعر الناس رجل في قميصي.

علي بن مجاهد - قال:

قال الأخطل لعبد الملك: يا أمير المؤمنين، زعم ابن المراغة أنه يبلغ مدحتك في ثلاثة أيام

وقد أقمت في مدحتك:

خف القطين فراحوا منك أو بكروا

سنةً فما بلغت كل ما أردت. فقال عبد الملك: فأسمعناها يا أخطل، فأنشده إياها،

فجعلت أرى عبد الملك يتطاول لها، ثم قال: ويحك يا أخطل! أتريد أن أكتب إلى الآفاق

أنك أشعر العرب؟ قال: أكتفي بقول أمير المؤمنين. وأمر له بجفنةٍ كانت بين يديه فملئت

دراهم وألقى عليه خلعاً، وخرج به مولى لعبد الملك على الناس يقول: هذا شاعر أمير المؤمنين، هذا أشعر العرب.

وقال هارون بن الزيات حدثني محمد بن إسماعيل عن أبي غسان قال:

ذكروا الفرزدق وجريراً في حلقة المدائني، فقلت لصباح بن خاقان: أنشدك بيتين للأخطل

وتجيء لجرير والفرزدق بمثلهما؟ قال: هات، فأنشدته:

ألم يأتها أن الأراقم فلقت = جماجم قيسٍ بين راذان والحضر

جماجم قومٍ لم يعافوا ظلامةً = ولم يعرفوا أين الوفاء من الغدر

قال: فسكت.

قال إسحاق وحدثني أبو عبيدة أن يونس سئل عن جرير والفرزدق والأخطل: أيهم أشعر؟

قال: أجمعت العلماء على الأخطل. فقلت لرجل إلى جنبه: سله ومن هم؟ فقال: من

شئت، ابن أبي إسحاق وأبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر وعنبسة الفيل وميمون

الأقرن، هؤلاء طرقوا الكلام وماشوه لا كمن تحكمون عنه لا بدويين ولا نحويين. فقلت

لرجل: سله: وبأي شيء فضل على هؤلاء؟ قال: بأنه كان أكثرهم عدد قصائد طوالٍ

جيادٍ ليس فيها فحش ولا سفط. قال أبو عبيدة: فنظرنا في ذلك فوجدنا للأخطل عشراً

بهذه الصفة وإلى جانبها عشراً إن لم تكن مثلها فليست بدونها، ووجدنا لجرير بهذه الصفة

ثلاثاً. قال إسحاق: فسألت أبا عبيدة عن العشر فقال:

عفا واسطٌ من آل رضوى فنبتل

وتأبد الربع من سلمى بأحفار

وخف القطين فراحوا منك وابتكروا

وكذبتك عينك أم رأيت بواسطٍ

ودع المعمر لا تسأل بمصرعه

ولمن الديار بحائلٍ فوعال

قال إسحاق: ولم أحفظ بقية العشر.

قال: وقصائد جرير:

حي الهدملة من ذات المواعيس

وألا طرقتك وأهلي هجود

وأهوى أراك برامتين وقودا

قال وقال أبو عبيدة: الأخطل أشبه بالجاهلية وأشدهم أسر شعرٍ وأقلهم سقطا وأخبرنا

الجوهري عن عمر بن شبة عن أبي عبيدة مثله. وفي بعض هذه القصائد التي ذكرت

للأخطل أغانٍ هذا موضع ذكرها.

منها:

تأبد الربع من سلمى بأحفار = وأقفرت من سليمى دمنة الدار

وقد تحل بها سلمى تجاذبني = تساقط الحلي حاجاتي وأسراري

قال الأخطل: فضلت الشعراء في المديح والهجاء والنسيب بما لا يلحق بي فيه.

فأما النسيب فقولي:

ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر = وإن كان حيانا عدًى آخر الدهر

من الخفرات البيض أما وشاحها = فيجري وأما القلب منها فلا يجري

تموت وتحيا بالضجيع وتلتوي = بمطرد المتنين منبتر الخصر

وقولي في المديح:

نفسي فداء أمير المؤمنين إذا = أبدى النواجذ يوماً عارمٌ ذكر

الخائض الغمرة الميمون طائره = خليفة الله يستسقى به المطر

وقولي في الهجاء:

وكنت إذا لقيت عبيد تيمٍ = وتيماً قلت أيهم العبيد

لئيم العالمين يسود تيماً = وسيدهم وإن كرهوا مسود

قال عبد الخالق: وصدق لعمري، لقد فضلهم.

الفرزدق

خرج الفرزدق يؤم بعض الملوك من بني أمية، فرفع له في طريقه بيت أحمر من أدم، فدنا منه

وسأل فقيل له: بيت الأخطل. فأتاه فقال: انزل. فلما نزل قام إليه الأخطل وهو لا يعرفه إلا

أنه ضيف؛ فقعدا يتحدثان. فقال له الأخطل: ممن الرجل؟ قال: من بني تميم. قال: فإنك

إذا من رهط أخي الفرزدق. فقال: تحفظ من شعره شيئا؟ قال: نعم كثيراً. فما زالا

يتناشدان ويتعجب الأخطل من حفظه شعر الفرزدق إلى أن عمل فيه الشراب،- وقد كان

الأخطل قال له قبل ذلك: أنتم معشر الحنفية لا ترون أن تشربوا من شرابنا. فقال له

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير