كأَنُهُمْ هَرَباً أبطالُ أَبْرَهَة ٍ= أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذاً بهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهما= نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَة ً =تَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ =فروعها من بديعِ الخطِّ في اللقمِ
مثلَ الغمامة ِ أنى َسارَ سائرة ٌ =تقيهِ حرَّ وطيسٍ للهجيرِ حمي
أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُ =مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَة ً مَبْرُورَة َ القَسَمِ
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَرَم= وكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنه عمي
فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما= وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على = خيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وقاية ُ اللهِ أغنتْ عن مضاعفة ٍ =من الدروعِ وعن عالٍ من الأطمِ
ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بهِ =إلاَّ ونلتُ جواراً منهُ لم يضمِ
ولا الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِنْ يَدِهِ =إلاَّ استلمتُ الندى من خيرِ مُستلمِ
لاتنكرُ الوحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ =قَلْباً إذا نامَتِ العَيْنانِ لَمْ يَنمِ
وذاكَ حينَ بُلوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ= فليسَ يُنْكَرُ فيهِ حالُ مُحْتَلِمِ
تَبَارَكَ الله ما وحْيٌ بمُكْتَسَبٍ= وَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبا باللَّمْسِ راحَتهُ =وأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَة ِ اللَّمَمِ
وأحْيَتِ السنَة َ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُ =حتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطاحَ بها =سيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ من العرمِ
دعني ووصفي آياتٍ له ظهرتْ =ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ
فالدرُّ يزدادُ حُسناً وهو منتظمٌ =وليسَ ينقصُ قدراً غير منتظمِ
فما تَطاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى= ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ والشِّيَمِ
آياتُ حقٍّ من الرحمنِ محدثة ٌ =قَدِيمَة ٌ صِفَة ُ المَوْصوفِ بالقِدَم
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تخبرنا =عَن المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَة ٍ =مِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءتْ ولَمْ تَدُمِ
مُحَكَّماتٌ فما تبقينَ من شبهٍ =لذي شقاقٍ وما تبغينَ من حكمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَرَبٍ أ=َعْدَى الأعادي إليها مُلقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بلاغَتُها دَعْوى مُعارِضِها =ردَّ الغيور يدَ الجاني عن الحُرمِ
لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْر في مَدَدٍ =وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ
فما تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَجَائبُها =ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ
قرَّتْ بها عينُ قاريها فقلت له =لقد ظفِرتَ بِحَبْلِ الله فاعْتَصِمِ
إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نارِ لَظَى =أطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّجمِ
كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجوه به= مِنَ العُصاة ِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ
وَكالصِّراطِ وكالمِيزانِ مَعدِلَة ً =فالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ
لا تعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُها= تَجاهُلاً وهْوَ عَينُ الحاذِقِ الفَهِمِ
قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ =ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم
يا خيرَ منَ يَمَّمَ العافُونَ ساحَتَهُ = سَعْياً وفَوْقَ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ و=َمَنْ هُوَ النِّعْمَة ُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ
سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ =كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَة ً =من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ
وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها =والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم
وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ =في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ
حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْواً لمُسْتَبِقٍ =من الدنوِّ ولا مرقيً لمستنمِ
خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذ =نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَم
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مستترٍ= عن العيونِ وسرٍّ أيِ مُكتتمِ
فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشْتَرَكٍ =وجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ
وَجَلَّ مِقْدارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ =وعزَّ إدْراكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ
¥