تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وخذ يمنة عنها على المنهج الذي = عليه سرى وفد المحبة آهلا

وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة = فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلا

فما هي إلا ساعة ثم تنقضي = ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا

أول نقدة من أثمان المحبة بذل الروح، فما للمفلس الجبان البخيل وسومها!

بدم المحب يباع وصلهم ... فمن الذي يبتاع بالثمن

تالله ما هزلت فيستامها المفلسون،ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون،لقد أقيمت للعرض في سوق المزيد،فلم يرض لها بثمن دون بذل النفوس، فتأخر البطالون،وقام المحبون ينظرون،أيهم يصلح أن يكون ثمنا، فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}

لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى،فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرقة الشجي،فتنوع المدعون في الشهود،فقيل لا تقبل هذه الدعوى إلا ببينة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}

فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه،فطولبوا بعدالة البينة بتزكية {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}

فتأخرا أكثر المحبين وقام المجاهدون،فقيل لهم إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم،فهلموا إلى بيعة {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}

فلما عرفوا عظمة المشتري،وفضل الثمن،وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع،عرفوا قدر السلعة وأن لها شأنا،فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها لغيره بثمن بخس،فعقدوا معه بيعة الرضوان بالتراضي من غير ثبوت خيار،وقالوا والله لا نقيلك ولا نستقيلك،فلما تم العقد وسلموا المبيع، قيل لهم مذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعافها معا {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}

إذا غرست شجرة المحبة في القلب،وسقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب،أثمرت أنواع الثمار،وآتت أكلها كل حين بإذن ربها،أصلها ثابت في قرار القلب،وفرعها متصل بسدرة المنتهى،لا يزال سعي المحب صاعدا إلى حبيبه لا يحجبه دونه شيء {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} .... اهـ من مدارج السالكين

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير