فهناك ديمومة محضة وهي شكل يتخذه توالي أحوال الشعور حين تدع الأنا نفسها تحيا، وحين تكف عن تقرير فصل بين الحال الحاضرة والأحوال السابقة. ويتم الانتقال بين تلك الأحوال بوثبات وعي، فتواليها هو تداخل متبادل، وتضامن وتآزر، وتنظيم باطن للعناصر الشعورية، وكل منها وهو يمثل الكل لا يتميز منه ولا ينعزل عنه. ففي ميدان الشعور لا توجد حالات متجاورة بل كل شيء في علاقة تضامن وتداخل متبادل. فلسنا إزاء شيء بل معنى ومسرى يتقدم (الفلسفة المعاصرة في فرنسا ترجمة د. عبد الرحمن بدوي). وما في العالم من قدرة إبداعية هو الانفعال النابض في الماضي، قاذفًا نفسه محولاً نفسه إلى واقعة متعالية هي لحظة الخلق أو الوعي. ولا يبقى أمام الشاعر والروائي إلا ارتياد أحوال الروح.
ويجمع الرمزيين قبيل القرن العشرين احتجاج على المجتمع الغربي الحديث والفلسفة الوضعية، وحس عميق بحياة الروح وحدس للسر والغموض. وهم يولون اهتمامهم "لواقع" يتجاوز عالم الظواهر متعاليًا ويحاولون استيعاب جوهر الشعر متحررًا من النزعة التعليمية أو العاطفية. ويتمثل ذلك في أشعار مالارميه وبعض قصائد إليوت.
وذلك التصور الفكري للرمزية الحديثة يعتبر العالم الواقعي انعكاسًا لعالم متعال لا يعرفه إلا الحدس الصوفي للشاعر، ولا يقبل التوصيل إلا في رموز فنية غير متعينة، فهي تدرجات لونية للروح مرتبطة بما هو أزلي، فكل الأشياء تفتقر إلى الوضوح أو الثبات. وهي فلسفة توفيقية تجمع أشتاتًا من فلسفة أفلاطونعن تعالي المثل ومفارقتها وفلسفة كانط في التفرقة الجازمة بين الشيء في ذاته والظواهر، وفلسفة برجسون.
فلسفة المنفعة
مذهب في فلسفة الأخلاق ينتمي إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ويقول بأن الفضيلة والخير يرتكزان على المنفعة وأن السلوك يجب أن يحاول تحقيق أكبر سعادة لأكبر عدد من الناس. وكانت المنفعة عند جيريمي بنتام مؤسس ذلك الاتجاه، تعتبر مرادفة للذة. ولكن الكتاب الذين أتوا بعد ذلك بما فيهم جون سيتوارت مل اعتبروا اللذة والسعادة تفصلهما فوارق كيفية لا كمية فحسب. وتلك الفلسفة تعتبر المجتمع مكونًا من ذرات فردية لا من قوى اجتماعية وهي ذرات تنتمي إلى مرحلة معينة من التنظيم الاجتماعي، هي المرحلة الرأسمالية، التي تعتبرها وضعًا خالدًا يلائم طبيعة بشرية دائمة.
فن الإلصاق (يجمع قطعًا مختلفة)
تقنية لتأليف عمل فني بإلصاق مواد ليست أصلاً ولا عادة مرتبطة فيما بينها على سطح واحد، مثل قصاصات الصحف وسدادات الزجاجات وتذاكر المسرح .. إلخ. ونرى أمثلة من هذا الفن في الأدب في أعمال جيمس جويس وت. س. إليوت وإزرا بوند، الذين يدمجون إيماءات وتعبيرات من لغات مختلفة واستشهادات من كتاب آخرين في مقالاتهم وقصائدهم ويستخدم الإلصاق كذلك في الرواية المضادة.
فولكلور (المأثورات)
عادات شعب وتقاليده الراسخة وحكاياته وأقواله المأثورة المحفوظة المتناقلة شفهيًا في معظمها. والكلمة لا تنطبق الآن على التناقل الشفاهي فحسب، بل تنطبق أيضًا على السجلات المكتوبة للتقاليد والأدب والحذق اليدوي والعادات الشعبية. ونجد الكثير من الفولكلور في الأشعار القصصية وملاحم الحيوان وقصص الجان والأمثال والحكم والأساطير والحكايات والألغاز. .
في قلب الأشياء
التعبير اللاتيني يعني في وسط الأشياء. وينطبق على الوسيلة الأدبية التي تبدأ السرد القصصي بعد أن يكون مسار الأحداث قد قطع شوطًا ملحوظًا. وهذه الوسيلة هي إحدى مواضعات الشعر الملحمي وتستخدم كثيرًا في الروايات والقصص القصيرة والدراما والشعر القصصي. وتلك الوسيلة تهدف إلى جذب النظر مباشرة وتحتفظ بالاهتمام معلق الأنفاس.
فعلى سبيل المثال تبدأ إلياذة هوميروس في السنة الأخيرة من حرب طروادة، وتحكي عن بداية الحرب بعد ذلك في مسار الملحمة. وتبدأ الشحاذ لنجيب محفوظ بزيارة البطل لطبيب، ثم يعود إلى الوراء.
وحينما تبدأ قصة عند نقطة غير بدايتها في التعاقب الزمني تُستخدم وسيلة الارتداد إلى الوراء استرجاع الماضيأو سلسلة من تلك الارتدادات والرجوع القهقري.
فيكتوري
نسبة إلى حكم الملكة فيكتوريا (1837 - 1901)، والمواقف والخصائص المميزة لذلك العهد. ويوحي التعبير في خصوصيته بالرضا عن النفس والنفاق والاعتداد بالنفس والتزمّت الخلقي الظاهري. وكانت ملامح العهد المتسمة بالرضا عن النفس ترجع إلى الثروة القومية المتزايدة وما صاحبها من التقدم الصناعي والعلمي والتظاهر بمراعاة قواعد اللياقة والأخلاق. ويشير التعبير- كما ينطبق في الأدب- إلى انعدام روح الفكاهة وقبول السلطة الحاكمة والعرف السائد دون تساؤل في مسائل السياسة والدين، والإفراط في مراعاة الاحتشام والتشبث الظاهري بالتقاليد الأخلاقية والاجتماعية. وفي الواقع كان الأدب الفيكتوري ظاهرة مركبة متعددة الجوانب ولكن تعبير "الفيكتوري" يحمل تداعيات مظاهر الاحترام الفارغة والتواضع الزائف والطمأنينة المتصلبة.
¥