اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14)).
وأنا أقول لكم أيها القراء: هل أنتم مسلمون الآن أن السور كانت تنزل كاملة الآيات والبيان؟.ها هو الله يتحدى الكاذبين المتهمين للرسول بالافتراء فتحداهم بعشر سور لا بعشر آيات، أليس في هذا ما يؤكد أن السور كانت تتواصل من البداية حتى النهاية؟؟ بلى بلى. وكيف لا وقد تنزل بعلم الله!! وعلم الله محيط بكل شيء وهو لا سواه الإله. بل إن الله سبحانه يذكرنا في هذه السورة، ويورد التذكير بصورة منيرة،
فبينما هو يقص علينا قصة نوح إذا به يقطع الحديث عن نوح ويعود إلى القرآن متحدثاً بجملة وآية معترضة ومنها التحدي يلوح، فيقول معيداً لنفس السؤال القبيح: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنْ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)).فالمجرمون هم المدعون أن النبي افترى، أما هو فقد بلغ ما ربه إليه أوحى، نعم لقد أوحى إليه كما أوحى إلى نوح من قبله، ولهذا تأتي الآية التالية عائدة إلى نوح، توكد على الوحي الذي لا مراء فيه ولا امتراء، فيقول: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)). فإذا كان الله قد أوحى إلى نوح كيف يصنع، واستمر الوحي بأعين الله حتى اكتمل العمل بلا انقطاع، فكيف لا يوحي إلى محمد كيف يقول!! وكيف لا يتواصل التنزيل وتتوالى الآيات بتنزيل وتفصيل أليس هو الحكيم الخبير!! أليس هو الذي أحكم الآيات ثم فصلها للإنذار والتبشير!! أليس هو على كل شيء قدير؟؟ بلى.
وعلى هذا استمرت السورة تقص وحي الله للرسل ونصرة لمن آمن وشكر، وتدمير من كذب وكفر، حتى تصل إلى قوله تعالى في أواخر السورة: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100)). إنه إجمال لما فصل، وتذكير بأن الله يعلم الماضي والمستقبل، وتتواصل الآيات إلى الآية رقم (120) وفيها يقول الله الأجل: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ). إن كلمة (هذه) في الآية تؤكد أن السورة تواصلت آياتها حتى وصلت إلى هذه الآية وما يليها. وما هو الذي يليها أيها الكرام؟ إنه ثلاث آيات فقط ويحين الختام، فاقرأوا باهتمام، وكونوا من أولي الأفهام، يقول الملك العلام: (وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121)). هكذا يكون الاطمئنان بالله الحكيم، الذي إليه المرجع وهو بكل خلق عليم. ولهذا فإنه يختم السورة بصفات تؤكد الصفات التي بدأت بها، فهو الحكيم الخبير في البداية، أما في النهاية فهو كما يقول: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)). أليست هذه الآية تتصل بقوله تعالى في البداية (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)، ثم قوله: (إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4))، أليست الذي يصف نفسه بقوله: (وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) هنا، هو الذي يتطابق مع وصفه هناك بقوله: (أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)). أليس من له غيب السماوات والأرض هنا هو الذي يوصف بقوله هناك: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)). أليس الذي قال (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) هناك هو الذي يحكي هنا (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)).
انظر:
http://alkebsi.com/quran/detail.php?ID=901&PHPSESSID=7981f8d9f85b3276bc33b73c131bcb52
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[18 Oct 2007, 05:08 م]ـ
جزاك الله خيرا د. مروان ورفع قدرك
ـ[معن الحيالي]ــــــــ[22 Oct 2007, 12:24 م]ـ
بارك الله في علمك وجهدك د مروان وزادك خيرا على هذا العلم الجم النافع.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[22 Oct 2007, 04:48 م]ـ
جزاك الله خيرا د. مروان ورفع قدرك
مرحبا بك أخي الكريم الحبيب أبا عاتكة
وزادك الله فضلا
وشكرا لك
¥