تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[موقف ابن كثير من الإسرائيليات ... لـ د. محمد القناص]

ـ[الراية]ــــــــ[01 Dec 2007, 06:09 م]ـ

السؤال

كيف نرد على من يقول:

إن ابن كثير متهم باستخدام الكثير من الإسرائيليات في كتابه (البداية والنهاية)، وفي تفسير ابن كثير؟.

ويضربون على سبيل المثال أن حديث النبي وموسى عليهما السلام في المعراج (حديث الخمسين صلاة) من الإسرائيليات!.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:

فالإسرائيليات جمع إسرائيلية، نسبة إلى بني إسرائيل، وإسرائيل هو: يعقوب عليه السلام، والمراد بالإسرائيليات:

الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل في التوراة وشروحها، والأسفار والتلمود وشروحه، وفيها أساطير وأباطيل وكذب كثير،

وابن كثير هو: الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الفقيه الشافعي، (700–774 هـ)، وتفسيره للقرآن العظيم من أجلّ التفاسير وأفضلها، حيث عُني في تفسيره بتفسير القرآن بالقرآن، وبالسنة المطهرة، وبالآثار عن السلف الصالح، وأوضح معاني القرآن بعبارات رصينة، وأسلوب جميل، وأهتم بنقد ما يورده من المرويات الحديثية والتاريخية، وبيان ما يصح منها وما لا يصح، وله عناية فائقة في التنبيه على الإسرائيليات والموضوعات، وهذا من مزايا تفسيره، حيث توسع مَنْ قَبله من المفسرين بذكر الروايات الإسرائيلية في تفاسيرهم،

وقد وضح الحافظ ابن كثير –رحمه الله- موقفه من الإسرائيليات في مقدمة تفسيره، حيث قسمها إلى ثلاثة أقسام،

قال –رحمه الله- بعد أن ذَكر حديثَ "بلّغُوا عنِّي ولو آيةً، وحديث: حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَجَ، وحديث: من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأْ مقعده من النار"-: "ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تُذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد، فإنها على ثلاثة أقسام:

أحدها: ما علمنا صحتَه مما بأيدينا مما نشهدُ له بالصدق، فذاك صحيح.

والثاني: ما علمنا كذبَه بما عندنا مما يخالفه.

والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمِنُ به ولا نكذّبه، وتجوزُ حكايتُه لما تقدّم، وغالبُ ذلك مما لا فائدة فيه تعودُ إلى أمرٍ دينيّ، ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا، ويأتي عن المفسرين خلافٌ بسبب ذلك، كما يَذكرون في مثل:

أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم وعِدّتهم،

وعصا موسى من أيِّ شجر كانت؟

وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم،

وتعيين البعض الذي ضُرِبَ به القتيلُ من البقرة،

ونوع الشجرة التي كلَّم الله منها موسى

إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم"

[تفسير ابن كثير (1/ 9)].

وقال -رحمه الله- في مقدمة "البداية والنهاية": "ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو القسم الذي لا يُصَدَّق ولا يُكَذَّب، مما فيه بسط لمختصر عندنا .. فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والاعتماد عليه" [البداية والنهاية (1/ 7)].

وعُرِف عن الحافظ ابن كثير –رحمه الله– الإعراض عن ذكر كثير من الأخبار الإسرائيلية في تفسيره، وفي مواضع أخرى ينتقد بعض الأخبار الإسرائيلية بقوة، ويتعقب مَن أوردها من المفسرين، ومن ذلك قوله –رحمه الله– عند تفسر قوله تعالى في سورة الكهف "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا" [الكهف:50]. –بعد أن ذكر أقوالا في "إبليس" واسمه ومن أيّ قبيلٍ هو؟! -: "وقد رُويت في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبُها من الإسرائيليات التي تُنقل ليُنْظَر فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يُقْطَع بكذبه، لمخالفته للحقّ الذي بأيدينا، وفي القرآن غُنْيَةٌ عن كلّ ما عداه من الأخبار المتقدمة؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وُضِعَ فيها أشياء كثيرة، وليس لهم من الحفّاظ المُتْقِنين الذين يَنْفُون عنها تحريفَ الغَالِين وانتحال المبطلين، كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء، والسادة والأتقياء،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير