تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من يحتسب في الرد على هذا المقال]

ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[28 Nov 2007, 05:24 م]ـ

هذا مقال خطير للكاتب يوسف أبا الخيل حول القرآن الكريم وتفسيره، نشر في صحيفة الرياض السعودية يوم أمس الثلاثاء 17/ 11/14228 تضمن كلاما قبيحا ودعاوى باطلة واتهامات جائرة لعل أحد الإخوة ينشط للرد عليه.

الثلاثاء 17 ذي القعدة 1428 هـ - 27 نوفمبر 2007م - العدد 14400

لكي لا نُسقِط على القرآن وزر تمذهبنا

يوسف أبا الخيل

كان الصحابة والتابعون الأوائل يقرأون نصوص القرآن وفقاً لما يعتقدون أنه مراد الله تعالى منها، إما بالفهم المباشر المستنبط للمعنى من خلال التفاعل الحي مع مفردات لغة النص، كما هي حال الصحابة الذين عايشوا نزول القرآن باللغة التي كانوا يتعايشون معها وبها يومياً، وإما باستخدام آليات التأويل الإيجابية التي لا تقفز على معهود العرب اللغوي والحضاري الذي نزل القرآن بلغتهم، كما هي حال التابعين الأوائل، بعيداً عن أن يسقط أحدٌ منهم رغباته الأيديولوجية على القرآن ذاته. واستمر الأمر على هذه النحو من التفاعل الإيجابي المثمر مع النص القرآني، حتى بذر الخوارج بذرة الانحراف عن القراءة (العلمية) للقرآن، لصالح القراءة (الأيديولوجية) له مع تعليلهم رفضهم التحكيم الذي جرى بين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وخصومه من أهل الشام، بأن "الحكم لله وحده" بتفريغ الآيات التي تتحدث عن حكم الله تعالى من سياقها التاريخي الذي لا يستنبط معناها الحقيقي إلا بمراعاته.

إلا أن بداية الانحراف الحقيقي عن القراءة العلمية للقرآن جاء على أيدي الأمويين عندما التفوا على شرعية الحكم الإسلامي آنذاك، مما حدى بهم إلى أن يصطنعوا "شرعية" جبرية، مضمونها ما ادعوه من أن الله تعالى هو الذي ساق لهم الحكم بسابق قدره، وأنه بالتالي هو من قدَّر عليهم غشيان المحرمات وسفك الدماء وانتهاك حرمة المقدسات، ولأجل "شرعنة" هذا الجبر، فقد عمدوا إلى (توظيف) الوعاظ والقصاص، يؤولون نصوص القرآن - خاصة منها ما يوهم ظاهرها الجبر - لتكون داعمة لرؤيتهم بالإدعاء بأنهم كانوا واقعين تحت جبرية إلهية عندما ظلموا الناس وانتهكوا حرمة المقدسات.

ولأن مثل هذه البذرة لا بد وأن تؤتي ثمارها إذا كان ثمة توطئة فقهية/رسمية لها - وهو ما عمل له الأمويون بكل ما أوتوا من قوة - فقد أتت أكلها عندما أثار القدرية - الذين كانوا على الضد من الجبرية - مسألة (خلق الأفعال) التي أرادوا من خلال القول بها تحميل حكام بني أمية مسؤولية ما اقترفته أيديهم من الظلم، فتصدى لهم خصومهم من الجبرية المحسوبين على الأمويين، وفيما بعد تطور الصراع ليكون بين المعتزلة الذين قالوا ب "خلق القرآن" من زاوية ضمان عدم تعدد القدماء في رأيهم، وبين الحنابلة الذين قالوا بأنه "منزل غير مخلوق". وكلا النظريتين لم تكن لتثير أيٌّ منهما أية مشكلة فيما يتعلق بالاستنباط من القرآن في البداية، إلا أن ظهور الآراء المتأرجحة بينهما، وتكاثر الأنصار والخصوم لكليي الرأيين، أتاحا مجالاً واسعاً لتدشين التفسير الأيديولوجي للقرآن منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.

ولأن طبائع العمران البشري (بلغة ابن خلدون) تقتضي بأن تتطرف النظرية المسيطرة على الساحة - لا بإقصاء منافستها فحسب - بل ويفرض أيديولوجية تذهب إلى أٍقصى اليمين فيما يتعلق بالتبشير بأدبيات الفكرة أو النظرية التي تتبناها، فقد أيَّدت النظرة التقليدية، التي أقصت النظرة الاعتزالية من الساحة، نسخة غير قابلة لتطوير مفهوم تفسير النص القرآني ليتوأم مع مستجدات العصر، من خلال أعمال معيارها المشهور (القرآن منزل غير مخلوق) وهو قول حق في عمومه، إلا أنه أنتج فيما بعد تفسيراً للقرآن غير قادر على التفريق بين محاور النص القرآني، ليأتي الاستشهاد في أغلب الأحيان - خاصة فيما يتعلق بنصوص السلوك والعلاقات والحرية الإنسانية - معاكساً تماماً لمراد الله تعالى منها، وسيتضح الأمر أكثر عند عرض نماذج من تلك الاستشهادات المضطربة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير