[القرآن .. وتناغم الحياة ..]
ـ[علي جاسم]ــــــــ[04 Nov 2007, 10:11 ص]ـ
سادتي الأكارم ..
ثمة مجتمعا إنسانيا يكمن في سور القرآن وآياته .. مجتمعا كاملا .. بعقيدته وتصوره أولا .. ثم بحركة حياته ومنهجه ثانيا .. ويقيني أن هذا المجتمع القرآني المكنون في سور القرآن وآياته هو الصورة المثلى للمجتمع الإنساني المتناسق المتناغم مع حركة هذا الكون من حوله .. والتخبط الذي تعيشه بعض المجتمعات ناشئ من الانحراف عن سنة الحياة التي استنها الله يوم خلق الخليقة .. ناشئ من تكليف الفطرة ما لا تحتمله .. أو قل ناشئ من تشويه الفطرة الإنسانية المعتدلة السوية ..
نقرأ مثلا الرجال قوامون على النساء .. وهذا قانون حياتي أصيل .. أو قل هذه هي سنة الحياة .. باعتبار تكوين الرجل النفسي والجسدي وباعتبار تكوين المرأة الجدسي والنفسي .. فدعوى مساواة الرجل بالمرأة انحراف عن سنة الحياة قبل كونها انحراف عن نهج القرآن .. ومن هنا ينشأ التخبط في حياة المجتمعات ..
ونقرأ قوله تعالى من سورة النور { .... ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم .... من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء .. الآية} فماذا نجد بالإضافة للجانب الأدبي والتربوي في الآية ..
نجد أن الآية تكاد تضع للمجتمع القرآني توقيتات حركة حياته اليومية .. فلم يقل الله من بعد صلاة الفجر .. لأن عجلة حياة المجتمع القرآني تتحرك مع بزوغ الفجر وتنفس الصبح .. أقول تتحرك عجلة حياته مع دبيب الحركة في كل ما سكن في الليل .. فيتنفس الكون نسائم الصبح وكذلك مجتمع القرآن .. وهو وقت تكون طاقات الإنسان الجسدية والفكرية في ذروتها وفي قمة نشاطها .. وهذا من تناغم مجتمع القرآن مع حركة الحياة ..
فليس مجتمع القرآن هو المجتمع الذي يضع ثيابه بعد الفجر ويهوي لمضجعه ثم لا يستيقظ إلا عند الثامنة أو حتى السابعة .. فينهض ثقيل النفس مترهل الجسد ..
ثم ماذا أيضا .. إن حركة العمل النهارية للمجتمع القرآني تنتهي عند صلاة الظهر وليس عند الثانية أو حتى الثالثة في بعض البلدان .. لماذا .. لأن حدود طاقة الإنسان تصل به إلى هذا الحد وهي في أعلى مستوياتها .. فإذا ما تعدى هذا الحد ثقل عليها العمل .. وناء به الجهد .. وأخل بعمله آخر الأمر .. ثانيا النفس تميل بعد الظهيرة إلى الاستنامة والراحة .. وهذه هي سنة الحياة .. ثم لا ننسى أنه قد باشر العمل مع بزوغ الفجر وهذا الفارق في المتقدم يعوض الفارق في المتأخر ..
ثم ماذا ايضا .. قال الله ومن بعد صلاة العشاء لماذا .. لأن المجتمع القرآني لا يسهر بعد صلاة العشاء حتى منتصف الليل أو ما هو قبلها بقليل .. بل يسكن المجتمع القرآني ليلا ككل الموجودات .. لينهض عند الفجر وقد أخذ كفايته من النوم والراحة .. وهذه من سنة الحياة .. وهذه من صور تناغم مجتمع القرآن وتناسقه مع حركة الحياة ..
والآيات التي تتناول تقرير هذ القضية كثيرة لا يحصرها هذا المقام .. اكتفيت بآيتين فقط لتوضيح المعنى ..
سادتي الأفاضل .. بعد ما تقدم أريد أن أقول كلمتين ..
أولا: أتوافقوني أنه خير لمجتمعاتنا المسلمة أن تنتظم في عملها على هذا التوقيت القرآني .. خصوصا وهو ينبثق من عقيدتنا وتصورنا ..
ثانيا: كان بودي لو أن جهودا خيرة تضافرت وتركزت لتقرير هذه القضية في مجتمعاتنا المسلمة .. تقريرها ابتداءا كثقافة قرآنية تهيء بعد ذلك للتطبيق العملي .. ليفهم سواد المسلمين أن الدعوة إلى كتاب الله إنما هي دعوة لحياة إنسانية رفيعة .. إنما هي دعوة للاستقامة والاعتدال .. إنما هي دعوة للتناسق والتناغم مع هذا الكون البهي الجميل من حولنا ..
ولعل هذه الجهود موجودة ولم أتنبه لها .. والله أعلم ..
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[04 Nov 2007, 10:56 م]ـ
ما شاء الله لقد أجدت وأفدت وما تقوله أوافقك عليه تماماً بل طا لما فكرتُ بذلك ولدي مشروع بحث أفكر به دائماً: القرآن والكينونة الإنسانية وأبعاده واضحة في ذهني وتحدثت فيه مراراً في خطب الجمعة وفي بعض محاضراتي ولكني لم أكتب فيه شيئاً بعد، وملخص ما أعنيه هو: ان هناك تطابقاً بين القرآن الكريم // والتشريع الإسلامي // وأجزاء الكينونة الإنسانية وأعني بالكينونة: الجسد - الروح - العقل - القلب - النفس هذا كفرد = // الإيمان //
ثم الكينونة الإنسانية كمجتمع: الراعي والرعية - العدالة - التعاون - المحبة - القوة - العمل - النظام- الأمانة = // الحضارة //
وفقكم الله أخي علي وحياك وبياك ...