[هديتي لقراء الملتقى (معالم الدعوة في سورة نوح عليه السلام) بحث منشور]
ـ[صالح صواب]ــــــــ[18 Nov 2007, 07:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
إخواني الكرام أهديكم هذا البحث المتواضع، بعنوان: (معالم الدعوة في سورة نوح عليه السلام)، وهو بحث محكم، منشور في مجلة كلية دار العلوم جامعة القاهرة، العدد (26) عام 1426هـ 2005م
وهي هدية متواضعة من حيث كاتبها، لكنها عظيمة لتعلقها بكتاب الله تعالى، ولكي لا أطيل على القراء فإنني أكتفي بذكر مقدمة البحث والتي اشتملت على أهمية البحث، وبيان مباحثه ومطالبه، مرفقا بذلك البحث كاملا، لمن أراد قراءته ..
أسأل الله تعالى أن ينفع به القارئ والكاتب، وأعتذر لإخوتي ومشايخي عن التقصير، فهو عمل يعتريه الخطأ والقصور، والله يحفظكم جميعا ..
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد قص علينا في القرآن الكريم أخبارا كثيرة، للاعتبار بما جاء فيها، والاستفادة من القصص الواردة فيها، قال سبحانه وتعالى: ?لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ِلأَوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ? (يوسف/111).
ومن أهم وأبرز القصص القرآني: قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فهي المنهج الذي يجب السير عليه، والاهتداء بهديه، كما قال سبحانه وتعالى: ?أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ? (الأنعام/90)، وقال سبحانه: ?قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ? (يوسف/108)، ففيها الدروس والعبر الكثيرة التي يستفيد منها السائرون في الدعوة إلى الله تعالى، ذلك أن الأنبياء هم الصفوة من الخلق الذين اختارهم الله تعالى لتبليغ رسالته، وعصمهم من الوقوع في الخطأ، وترفعوا عن الأهواء، واهتدوا بهدي الله، واستناروا بنور الله تعالى.
ولقد تفاوت عرض القرآن لقصص الأنبياء، واختلف كثرة وقلة، إيجازا وإطنابا.
ومن الأنبياء الذين كثر الحديث عنهم في القرآن نوح عليه السلام، فقد جاء الحديث عنه – عليه السلام – في سور كثيرة، ذلك أنه – عليه السلام – أول الرسل، وهو من أولي العزم منهم، وقد نصّ الله على اصطفائه – عليه السلام – على العالمين، إضافة إلى آدم وآل إبراهيم وآل عمران، كما قال سبحانه: ?إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ? (آل عمران/33).
وقد لبث نوح – عليه السلام – فترة طويلة يدعو فيها قومه، وهي تسعمائة وخمسون عاما، كما أخبر الله عز وجل بذلك في قوله: ?وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُون? (العنكبوت/14).
وورد ذكر نوح – عليه السلام – في القرآن الكريم في سور كثيرة، تحدثت عن قصته مع قومه، وحواره معهم، وصبره عليهم، وأبرزت نهايته ونهايتهم ..
ومن أبرز هذه السور (سورة نوح) هذه السورة التي سميت باسمه عليه السلام، والتي اشتملت على كثير من الدروس والعبر، وبخاصة فيما يستفيد منه الداعية في دعوته إلى الله تعالى.
فقد اشتملت هذه السورة على ذكر معالم للدعوة، سواء فيما يتعلق بمهمة الداعية، أو أسلوبه، أو صبره على قومه، وحرصه على هدايتهم، واستمراره في الدعوة، أو وصف أساليب المكذبين، ونهايتهم، ووصفت دعوة نوح عليه السلام بأدق الأوصاف وأجمعها.
¥