تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المعنى العام الذي تدور عليه سورة النساء]

ـ[جاسم آل إسحاق]ــــــــ[05 Dec 2007, 08:27 م]ـ

رَفْعُ الكِسَاءِ عَنْ مَغْزَى سُوْرَةِ النِّسَاءِ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد

فهذه كلمات عن مقصود سورة النساء أو ما يسمى بالمعنى العام الذي تدور عليه السورة.أرجو من المشايخ الفضلاء

والأخوة النبلاء، أن يقيموها علميا وأن يصلحوا ما فيها من خطل.

هذه السورة جاءت لبيان العدل بجميع أنواعه ومع جميع أصناف الناس، وذكرت أصناف أهل الظلم وصفاتهم، فالتقوى التي أمر بها في أولها هي أساس العدل وأهم شيء فيه، ومن لم يحقق التقوى فقد ظلم نفسه، وجاء ختم أول آية باسم الله الرقيب مناسبا لهذا المعنى، فاستشعار مراقبة الله للعبد سبب لعدم ظلمه لنفسه ولغيره.

ثم ذكر الله تعالى التعامل مع أصناف متعددة من الناس في هذه السورة، ولا بد من أن يكون التعامل معهم قائما بالعدل، ومن ذلك اليتامى، فنهى عن ظلمهم، وأكل أموالهم بالباطل، وفي أواخر السورة أمر بالعدل فقال: ((وأن تقوموا لليتامى بالقسط) وكذلك اليتيمة كما قال تعالى: ((وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ... )) الآية، ومعناها كما جاء عن عائشة في صحيح البخاري ومسلم: أنها اليتيمة تكون في حِجْر وليها فيرغب في جمالها ومالها، يريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها، فنهوا عن نكاحها إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق.

ثم ذكر الله عز وجل العدل مع الزوجات لمن عنده أكثر من واحدة، وقال بعدها: ((ذلك أدنى ألا تعولوا)) وقول أكثر المفسرين واختاره ابن كثير رحمه الله أن المراد بـ ألا تعولوا: أي ألا تجوروا، من عال في الحكم إذا ظلم.

وذكر الله عز وجل آيات المواريث وأنصبة كل من الورثة، وقسمة الله تعالى هي العدل والحق القائم، ولذلك ختم الآية بقوله: ((إن الله كان عليما حكيما)) فالعليم الحكيم لا يظلم في القسمة وهو سبحانه أدرى بمصالح العباد من أنفسهم، لذلك قال تعالى: ((آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا)).

ثم إن من عدله سبحانه أن فتح باب التوبة لعباده، ما لم تغرغر الروح، أو تطلع الشمس من مغربها، فحينئذ لا تنفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل.

ومن عادات الجاهلية أن المرأة إذا مات بعلها، وجاء ابنُه من غيرها أو أحد عصبته، فألقى ثوبه عليها يصير أحق بها من نفسها ومن غيرها، فيرثها من الميت، ثم إن شاء تزوجها من غير صداق، أو زوجها لغيره و أخذ الصداق، أو عضلها عن الأزواج، فنهى الله تعالى عن هذا الظلم: ((يأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ... )) الآية.

ونهى الله عن أكل أموال الناس بالباطل وعن قتل النفس بغير حق، وهذا من الظلم العظيم، فيقول الله تعالى: ((يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)) الآية، والباطل يشمل كل أنواع الربا، والقمار، والغصب، والسرقة، والخيانة، وغيرها، وأما قوله: ((ولا تقتلوا أنفسكم)) فيشمل قتل المسلم لأخيه المسلم، وفي القرآن يأتي التعبير بـ " أنفسكم " ويراد به المسلمين، كما قال الله تعالى ((فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة)) فقد اختار ابن جرير رجمه الله أن المعنى: إذا دخلتم بيوتا من بيوت المسلمين فليسلم بعضكم على بعض.

ثم إن من عدل الله وحكمته أن فرض على كلٍ من الجنسين الذكر والأنثى، ما يناسب طاقته وقدرته، ففرض على الرجال الغزو و الجهاد، وليس على النساء جهاد، لضعفهن وعدم قدرتهن، فقال الله تعالى: ((ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض)) الآية، وقد ذكر في سبب نزولها أن أم سلمة لما قالت: يا رسول الله إن الرجال يغزون ولا نغزو ... إلخ.

ثم قال الله تعالى: ((إن الله لا يظلم مثقال ذرة))، ونفي الظلم عن الله تعالى لكمال عدله، وإلا فمجرد نفي الظلم ليس بكمال، وإنما الكمال إثبات كمال ضد الصفة المنفية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير