[هل يلزم أن تكون معجزة النبي (عليه السلام) مما برع به قومه؟]
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Nov 2007, 10:19 ص]ـ
لقد اشتهر في كتابة من كتب عن معجزات الأنبياء أن ينبه على أن معجزة النبي (عليه السلام) تكون من جنس ما برع به قومه، وهذا الكلام فيه نظر من وجوه:
الأول: أن بعض الأنبياء (عليهم السلام) كان لهم أكثر من معجزة، ولا يلزم أن تكون كل معجزاتهم هذه من جنس ما برع بها أقوامهم، ومن ذلك: أن خروج إبراهيم (عليه السلام) من النار كان معجزة، فمالذي برع به قومه في هذا المجال؟!
الثاني: أن من يُمثِّل لهذه المسألة يذكر بروع قوم موسى (عليه السلام) بالسحر، وقوم عيسى (عليه السلام) بالطب، والعرب بالفصاحة والبلاغة بالنظم وتصريف القول، فجاءت معجزة كلٍّ من هؤلاء الأنبياء (عليهم السلام) وِفْقَ ما برع به قومه، وهذا الكلام يدخله النقد السابق، ويضاف إليه الآتي:
1 ـ من أين جاء أن قوم عيسى (عليه السلام) برعوا بالطب؟ إن عيسى (عليه السلام) قد أرسل إلى بني إسرائيل، ولم يشتهر عنهم أنهم برعوا بالطب.
ولعل أول من قال بهذا كان في ذهنه أن معجزة نبينا (صلى الله عليه وسلم) الكبرى كانت من جنس ما برع به قومه، فأجرى ذلك على غيره، ولما رأى من عيسى (عليه السلام) إبراء الأكمه والأبرص ظنَّ أن قومه برعوا بالطب.
2 ـ لو كان ما قالوه صحيحًا، فهل برع قوم عيسى (عليه السلام) بالكهانة ودعوى علم الغيب، وهو يقول لهم (وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ)؟!
صباح الأحد 8: 11: 1428
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[18 Nov 2007, 08:56 م]ـ
منذ زمن بعيد وانا اعتقد بهذا الذي تقول يا ابا عبد الملك
واضيف من الذي قال ان معجزة موسى عليه السلام لها علاقة بالسحر لو سلم جدلا ان بني اسرائيل قد برعوا في السحر؟
ومن معجزات عيسى عليه السلام احياء الموتى فما علاقة هذا بالطب؟
واضيف سؤالا ربما يكون فيه حرج هل البيان القراني من جنس ما برع فيه العرب حتى تاتي المعجزة متوافقة مع ذلك الذي يقولون؟ واذا كانوا برعوا فيه فما الذي اعجزهم عنه؟
لعل لنا لقاء آخر نبث فيه بعض الهموم حول تلك القضية فان في طرحها للبحث خير كثير
وشكرا للاخ الفاضل الدكتور الطيار على ما تفضل به
ـ[صالح صواب]ــــــــ[18 Nov 2007, 11:01 م]ـ
قبل أن أبدأ في طرح رأيي ... أضيف إلى ما سبق أن بعض الكتاب ذكروا أن معجزة صالح عليه السلام (الناقة) جاءت مناسبة لحالهم في البادية وفي الجزيرة ... واهتمامهم بالإبل .. وهذا - في نظري - بعيد جدا.
وقد وقفت على كلام لابن كثير رحمه الله تعالى في البداية والنهاية بالمعنى الذي ذكره الدكتور مساعد، ولا أدري هل نقله عن غيره أم لا .. وهذا نص كلام ابن كثير - رحمه الله - حيث يقول:
"كانت معجزة كل نبي في زمانه بما يناسب أهل ذلك الزمان، فذكروا أن موسى عليه السلام كانت معجزته مما يناسب أهل زمانه، وكانوا سحرة أذكياء، فبُعِث بآيات بهرت الأبصار، وخضعت لها الرقاب، ولما كان السحرة خبيرين بفنون السحر وما ينتهي إليه، وعاينوا ما عاينوا من الأمر الباهر الهائل، الذي لا يمكن صدوره إلا عمّن أيّده الله وأجرى الخارق على يديه، تصديقا له، أسلموا ولم يتلعثموا.
وهكذا عيسى بن مريم، بُعث في زمن الطباعية الحكماء، فأرسل بمعجزات لا يستطيعونها ولا يهتدون إليها، وأنّى لحكيم إبراء الأكمه الذي هو أسوأ حالا من الأعمى؟ والأبرص؟ والمجذوم؟ وَمن به مرض مزمن؟ وكيف يتوصل أحد من الخلق إلى أن يقيم الميت من قبره؟ هذا مما يعلم كل أحد معجزة دالة على صدق من قامت به، وعلى قدرة من أرسله.
وهكذا محمد ? وعليهم أجمعين، بعث في زمن الفصحاء البلغاء، فأنزل الله عليه القرآن العظيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، فلفظه معجز، تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة، وقطع عليهم بأنهم لا يقدرون لا في الحال ولا في الاستقبال، فلم يفعلوا ولن يفعلوا…)
وتعليقا على ما سبق ... أقول والله أعلم: أنه لا يلزم أن تكون معجزة النبي أو الرسول من جنس ما برع فيه قومه، وهناك معجزات كثيرة لا علاقة لها بالفن الذي برع فيه القوم.
ولكن ذلك لا يمنع أن تكون المعجزة من جنس ما برع فيه القوم، وهذا قد ينطبق على بعض المعجزات؛ وليس كلها.
ومن الواضح أن المعجزة إذا كان بما يشبه ما برع فيه القوم، فإنه أدعى إلى معرفتهم بحقيقة المعجزة، كما كان من السحرة الذين كانوا أول من آمن بموسى عليه السلام. ثم إن ذلك هو الأنسب في التحدي، إذ التحدي يكون لمن برع في هذا الفن.
وللتفريق بين الأمرين .. أقول: إن من المعجزات ما يكون فيه التحدي، ومثل هذا يكون مما برع فيه القوم .. ومن المعجزات ما يكون آية دالة على النبوة، غير مصحوب بالتحدي وهذا لا يلزم منه أن يكون مما برع فيه القوم ..
وكل ما قلته اجتهاد .. فإن أصبت فبتوفيق الله .. وإن أخطأت فأستغفر الله، وأرجو من إخواني المعذرة ..
¥