تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذلك قول الكاتب عن قول الله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) حيث قال وينسبون هذه التفرقة العنصرية إلى الله تعالى ونقول للكاتب: هذه الجملة من الآية قيل إنها من كلام الله فهو الذي أخبر أن الذكر ليس كالأنثى وقيل غنها من كلام مريم والله ذكرها مقررا لها والواقع يثبت أن الذكر ليس كالأنثى - ولو قيل لأي ذكر إنك كالأنثى لغضب وأظن الكاتب كذلك فالذي خلق الذكر والأنثى فاوت بينهم في الخلقة والطباع والاستطاعة والعمل الوظيفي وغير ذلك لا ينكر ذلك عاقل فالمرأة لا تستطيع أن تتحمل ما يتحمله الرجل لضعفها وكذلك ما ذكره الكاتب حول قوله تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً) قال الكاتب: هذه الآيات في حقيقتها نفي من الله على تلك المجتمعات التي اتخذت التفاوت الاجتماعي والذي هو من صنع البشر أنفسهم ذريعه للتفاخر والكبر والبطر والسخرية ممن هم أقل مستوى منهم ونقول للكاتب هذا قول على الله بغير علم وتفسير للقرآن بغير ما أراده الله فالآية التي ذكرها هي في سياق الأنكار على الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم واحتقروه: (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) قال الله تعالى رداً عليهم: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) فإذا كانوا لا يملكون قسمة الأرزاق فكيف يقسمون رحمة الله التي أعظمها النبوة فيعطونها لمن شاءوا أو يحرمون منها من شاءوا وأما قول الكاتب: إن التفاوت الاجتماعي من صنع البشر أنفسهم فنقول كيف يقول هذا والله تعالى قال: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وبين الحكمة في ذلك: (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً) أي مسخرا له في العمل بالأجرة كي يستفيد صاحب المال ويستفيد العامل ولو كانوا كلهم أغنياء لم يوجد عمال ولو كانوا كلهم فقراء لم يوجد عمل ولا أجرة فلس المراد بالآية النعي من الله على المجتمعات: وإنما المراد الامتنان من الله علينا فالذي من صنع البشر إنما هو التفاخر والكبر والبطر والسخرية بالفقراء وليس المراد من قوله تعالى: (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً) السخرية كما فهم الكاتب وإنما المراد التسخير في العمل فهناك فرق بين (سُخْرِيّاً) بضم السين و سخريا بكسر السين كما في قوله تعالى: (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً) فالأول من التسخير والثاني من السخرية فليفهم الفرق كيلا يلتبس هذا بهذا - كما التبس على الكاتب ففهم من الآية غير ما أراد الله بها.

وأما حملة الكاتب على بني أمية حيث قال: إن بداية الإنحراف الحقيقي عن القراءة العلمية للقرآن جاء على أيدي الأمويين عندما التقوا على شرعية الحكم الإسلامي آنذاك مما حدى بهم إلى أن يصطنعوا شرعية جبرية مضمونها ما ادعوه أن الله تعالى هو الذي ساق لهم الحكم بسابق قدره وأنه بالتالي هو من قدر عليهم غشيان المحرمات وسفك الدماء وانتهاك حرمة المقدسات ولأجل شرعنة هذا الجبر عمدوا إلى توظيف الوعاظ والقصاص يؤولون نصوص القرآن - إلخ ما قال ونقول له:

أولاً: بنو أمية هم أول من منع القصاص قال معاوية رضي الله عنه: (لا يقص إلا أمير أو مأمور).

ثانياً: ما هي أدلتك وبراهنك على ما رميت به بني أمية من هذه الاتهامات الخطرة وهم دولة مسلمة لها جهود في نشر الإسلام ومقاومة الفرق الضالة وقتل الزنا والملاحدة.

ثالثاً: هل خلافة بني أمية خارجة عن قضاء الله وقدره إذا فالله سبحانه وتعالى يقع في ملكه ما لا يريد - تعالى الله عن ذلك القول الذي هو في حقيقته قول المعتزلة الذين ينفون القدر.

رابعاً: دولة بني أمية دولة عظيمة لها مكانتها في التأريخ الإسلامي ولها جهودها في الحفاظ على الإسلام ونشره في الآفاق بالدعوة والجهاد.

خامساً: إذا كان في دولة بني أمية من ليس على المستوى المطلوب دينيا من بعض الأمراء والعاملين في دولتهم فهذا لا ينسب إلى جميع الدولة الأموية لأن هذا شيء لا تسلم منه دولة ولا مجتمع في الغالب.

سادساً: بنو أمية فيهم صحابة كرام كعثمان بن عفان الخليفة الراشد وأبو سفيان وأبناؤه: معاوية وأخته أم حبيبة أم المؤمنين ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم رضي الله عنهم ومنهم عبد الملك بن مروان وأبناؤه ومنهم الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز وفيهم من يغلب عدله على جوره - فهم منزهون عما رماهم به الكاتب وأظنه استقى هذا الكلام الذي قاله في بني أمية من خصومهم الشيعة الذين لم يسلم منهم حتى الخلفاء الراشدون حيث قالوا فيهم إنهم اغتصبوا الخلافة من الوصي بزعمهم علي رضي الله عنه وظلموا أهل البيت وأن أبا بكر وعمر صنما قريش وختاما أوصي نفسي والكاتب بتحري الحق وقول الصدق والتحفظ من القول على الله وعلى رسوله بغير علم والتجني على الأبرياء وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير