تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عندما كتبْتُ كتابي هذا عن الأحرفِ السبعةِ لم أَتركْ مطبوعةً ولا مخطوطةً يمكن أن تفيد في الموضوع إلا حَرَصْتُ على الوصولِ إليها، وكان من أهمِّ المخطوطاتِ التي ظفِرْتُ بها في هذا البحث كتابُ " اللَّوَامِحِ " لأبي الفضل الرازي، وهو من أنفس ما كُتِبَ في هذا الموضوع، وجدْتُ نسخةً خطيَّةً في المكتبةِ الأحمديَّةِ بحلب.

http://www.tafsir.net/images/fasil.gif

8- ـ شبكة التفسير: بعد تجربتكم المباركة في رئاسة مصحة المدينة النبوية قامت لجان علمية في بعض الدول العربية، وأخرجت مصحفاً تحت إشراف لجنة علمية، فهل ترون أن تعدد هذه اللجان في إخراج المصحف ظاهرة جيدة، وهل هناك توجيهات لمن أراد الدخول في مثل هذه اللجان؟

د. عبد العزيز القارئ:

أولاً: إن مصحفَ المدينةِ النبوية الذي يُوزِّعونه الآن ليس هو النسخة التي راجَعَتْهَا اللُّجْنةُ العلميةُ التي تشيرون إليها؛ وكانت برئاستي؛ وحقاً إنَّهَا لُجْنَةٌ لَمْ يُوجَدْ مثلُهَا في هذا العصر؛ لأنه تَوافَرَ لها كوكبةٌ من علماء هذا الشأن من النادر أن يجتمعوا لمشروعٍ واحدٍ، وكان فيهم من أئمة القراآتِ الأعلامِ: الشيخُ عامر بن السيد عثمان شيخُ المقارئ المصرية، والشيخُ عبدُ الفتاح المَرْصَفيُّ، والشيخ محمود سيبويه البدوي، رحمهم الله، وكان فيهم الدكتور عبد العظيم الشناوي رحمه الله؛ وهو أحدُ أئمةِ اللغةِ في هذا العصر، وغيرُهُم؛ كلُّهم كانوا علماء كباراً يَنْدُرُ وجودُهُم واجتماعُهُمْ في مكانٍ واحدٍ؛ وكنتُ أَنَا رئيسُ اللجنةِ أَضعَفَهُم شأناً؛ ولكن بحكم عمادتي لكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في ذلك الوقت لَزِمَنِي أَنْ أَرْأَسَ اللُّجنةَ، والكليةُ كانت هي الملتزمةَ بتصحيح المصحفِ المذكورِ وإعدادِهِ للطباعةِ؛ بناءاً على طلبٍ من وليِّ الأمرِ، واقتراحٍ من سماحةِ الشيخ ابن باز رحمه الله.

وقد بذلَتْ هذه اللجنةُ جهوداً كبيرة؛ حتى بلغ مجموعُ مراتِ القراءة لهذا المصحف أكثَرَ من مائةِ خَتْمَةٍ، وأظن أننا وصلنا إلى أصحِّ طبعةٍ للمصحف الشريف في هذا العصر.

ثم أُلْغِيَ كلُّ ذلك (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثَاً) وكُتِبَتْ نسخةٌ جديدةٌ من المصحف شُكِّلَتْ لها لُجْنَةٌ جديدةٌ؛ في أكثر أعضائِهَا الخيرُ والبركةُ إن شاء الله؛ لكنها لا تَرْقَى في مستواها إلى اللُّجنةِ السابقةِ بسبب وجودِ أولئك الأئمةِ الأعلامِ في اللُّجنةِ السابقةِ؛ ولا شك في أنَّ المكانةَ العلميَّةَ، والخبْرَةَ العمليَّةَ، والرُّسُوخَ في العلمِ كلُّ ذلك مهمٌّ في هذا الشأن.

ثانياً: لا يمكن احتكارُ طباعةِ المصحفِ، ولا ينبغي ذلك؛ الكلُّ في العالم الإسلامي قديماً وحديثاً يبذل جُهْدَه في ذلك؛ ومُجَمَّعُ الملك فهد بالمدينة النبوية ليس أوَّلَ مطبعةٍ تطبع المصحفَ، ومصحفُ المدينةِ النبويةِ ليس هو أوَّلَ مصحفٍ صحيح يُطبع؛ من أَصحِّ المصاحفِ قبلَه مصحفُ الملكِ فؤادٍ ملكِ مصر؛ وعندي منه طبعةٌ قديمةٌ طُبِعَتْ بمصلحَةِ المساحةِ المصرية عام (1342) هـ؛ وطُبع بعد ذلك مراتٍ عديدةً؛ وسببُ مكانةِ هذا المصحفِ اللُّجْنَةُ العِلْميَّةُ التي أشرفَتْ على مراجَعتِهِ برئاسةِ شيخ المقارئ المصرية وقتذاك الشيخ محمد بن علي بن خلف الحسيني رحمه الله ..

وعندي مصحفٌ مطبوعٌ بالهندِ طباعةً حجريَّةً عامَ (1289) هـ، يسميه بعضُ الحفاظِ " مصحف عبد الملك "؛ سمعْتُ بعضَهُم يَحكِي كيفَ جَعَلَ طابِعُ هذا المصحفِ كُلَّ الحُفَّاظِ بالهندِ أو جُلَّهُمْ يقومون بتصحيحِهِ؛ وذلك بأنْ أعْلَنَ أولاً بأنَّ كلَّ مَنْ يأتي بأخطاءِ الطباعةِ الواقعةِ فيهِ فَلَهُ مكافأةٌ: مقابلَ كلِّ خطأٍ كذا (روبية)؛ ثم مع كلِّ طبعةٍ صار يرفع قيمةَ الخَطَأِ؛ حتى بلغَ به في الطبعةِ النهائيَّةِ كذا جنيهٍ ذَهَبَاً؛ ففي هذه الطبعةِ الأخيرة جاءَ أحدُ الحُفَّاظِ بخطأٍ واحدٍ وأَخَذَ الجنيهات ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير