[كم يحتاج أبناؤنا من الحب؟!]
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[09 Jul 2010, 07:01 م]ـ
[كم يحتاج أبناؤنا من الحب؟!]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
أحبك مثل الدنيا كلها، والسماء، والبحر الكبير ..
كانت تلك الكلمات هي إجابة الوالد على سؤال ولده "أحمد - خمس سنوات-" المتكرر: (أبي كم تحبني؟)، يرددها الأب الحنون وهو يفتح ذراعيه ليري "أحمد" مقدار اتساع حبه له، كاتساع الدنيا، والسماء، والبحر الكبير؛ فيسرع الصغير في نشوة سعادته ليغيب بين أحضان والده!
عزيزي المربي .. الغالبية من علماء التربية يجمعون على أنَّ إشعار الطفل بالحب من الأمور الهامة لتطور نمو الطفل وتنشئته بشكل سوي، فالأسرة التي ينعم أبناؤها بدفء الحب تتوفر فيها أسباب الوقاية من المشكلات النفسية واضطرابات النمو التي قد تصيب الأبناء في طفولتهم، كما أنّ ما يشعرون به من الراحة والسعادة من شأنه أن يقلل من ظهور تلك المشكلات، وإن وجدت فسيكونون هم الأسرع في التخلص منها.
منذ متى يحتاج الطفل إلى الحب؟؟
لا نبالغ إذا قلنا أن الطفل يحتاج إلى توصيل مشاعر الحب والفرح بقدومه وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه، لذلك يعلمنا القرآن الكريم أدب البشارة بالحمل في أكثر من موضع، قال تعالى مبشرًا إبراهيم الخليل عليه السلام بإسحاق عليه السلام: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} [هود: 69]، وقال تعالى في بشارة مريم بعيسى المسيح عليه السلام: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 45]، وقال تعالى مبشرًا زكريا عليه السلام بولده يحيى عليه السلام: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7].
واليوم يؤكد العلم الحديث على أهمية الحالة النفسية للأم الحامل ومدى تأثير تقبلها للحمل في حالة الجنين النفسية الطفل، فقد أكدت دراسة أمريكية حديثة أنّ السيدات المتفائلات اللاتي يشعرن بالثقة بالنفس والرضا عن أنفسهن وحياتهن أكثر احتمالًا لإنجاب أطفال أصحاء وسعداء.
ولقد ذكرت الدراسات أ نّ الطفل وهو في بطن أمه يشعر إذا كان طفلًا مرغوبًا فيه ينتظره الأب والأم بشوق وسعادة أم أنّ الأمر غير ذلك.
والطفل حديث الولادة يحتاج بشدة إلى الحب:
يحتاج الطفل حديث الولادة على دفء الشعور بالحب من أول لحظات حياته، بل أثبتت الدراسات النفسية أن حاجة الطفل حديث الولادة إلى ما تمنحه الأم إياه من مشاعر عبر الضم والالتصاق مثل حاجته إلى الطعام والشراب بل أكثر؛ لأنه يولِّد عنده الشعور بالأمان وراحة النفس، فيكبر إنسانًا سويًا يُحَبّ ويحِب، وينمو ويتطور بشكل طبيعي.
ويقارن علماء النفس بين الأطفال الذين خرجوا للحياة فوجدوا الحب والحنان منذ اللحظة الأولى، وبين أولئك الذين خرجوا للحياة وكان خروجهم غير مرغوب فيه ..
إنّ الأوائل يشبون بلا عقد نفسية، ويكونون أكثر تقدمًا في دراستهم، وأكثر سعادة في حياتهم عن الآخرين الذين يحرمون من ضمة الذراعين والصوت الحنون الذي يطمئنهم، وقد يصابون بصدمة لدى خروجهم للحياة .. ! الأمر الذي جعل "جون بولي" وهو طبيب نفسي إنجليزي يقرر أنّ الرباط بين الطفل والأم إما أن يكون ركيزة الصحة النفسية أو يكون منطلقًا للمرض النفسي.
ولنتعلم كيف كان حب الأبناء في مدرسة النبوة:
فعن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال ـ الأطفال ـ من رسول الله صلى الله عليه وسلم" [رواه مسلم]، وعن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه وكان يقعد الحسن على فخذه الآخر ثم يضمنا ويقول: اللهم ارحمهما فإني ارحمهما" [صحيح البخاري]، هذه الأحاديث وغيرها تلفت انتباه المربين إلى الأسلوب الحاني الذي كان يتعامل به نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم مع الصغار، وكيف كان يعبر بالقول والفعل عن حبه الكبير لهم، ولذلك كان الصبيان يقبلون عليه أينما ذهب يدورون حوله، يلاعبونه ويلاعبهم، ويهتم بشئونهم بل وينظر إليهم مبتسمًا حين يلعبون، لأنه ع ليه الصلاة والسلام يدرك حاجة الطفل إلى إشعاره بأنه شخص محبوب ومرغوب به عند غيره من الكبار [هداية الله
¥