[الصيام ومطلب التقوى]
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[28 Jul 2010, 11:12 ص]ـ
من موقع الدكتور عويض العطوي أنقل لكم هذا المقال النافع عن الصيام ومطلب التقوى:
إنَّ مِنْ حِكَم الله العظيمة، وآلائه الجسيمة؛ أنْ هيَّأ لعباده مواسم خيرٍ وبركة، وفضلٍ وطاعة؛ ليرتقوا بنفوسهم في مدارج الكمال، وسُلَّم العلو، ومن هذه المواسم وأجلِّها شهر رمضان، رمضان الذي خصَّه الله بتصفيد مردة الجن والشياطين، وضاعَفَ فيه المثوبة والجزاء، فيه يلتقي المؤمنون على الطاعة، ويتنافسون في العبادة، فيه تتوجه القلوب إلى خالِقها، والأفئدة إلى بارِئها، شهر كلّه خير، كلّه إحسان، ومع هذه التهيئة الكاملة لينتفع المؤمنون بخصائص هذا الشهر وفضائله، إلا أن بعض فئات المسلمين لا تلقي لهذا الأمر بالاً، ولا ترفع له رأساً!
فرمضان –بالنسبة لهم- مثل غيره يأتي ويذهب، وتلك والله خسارة كبرى، ونقص واضح في التخطيط والتفكير، لأن العقلاء يُجمعون على وجوب انتهاز الفرص، والإفادة من كل نافع.
وقد يخطر في أذهاننا سؤالٌ حول ماهية الصوم، ولماذا نصوم؟ وما الهدف من الصيام؟.
وكثيرٌ اليوم مَنْ لم يعرف غاية الصيام، ولم يدرك حقيقة العبادة؟ حيث جعل ليل الصيام الثمين مسرحاً لإشباع غرائزه، والسير وراء شهواته، وهناك مَن أسهر ليله ونام نهاره، حتى فاتته الصلوات، وترحَّلت عنه الخيرات؟ فلا هو شَعَرَ بجوع، ولا هو أحسَّ بفقير، ولا هو تلذذ بطاعة، ولا هو حافظ على عبادة، فما أعظم الخطب، وكيف يكون هذا؟ وبأي تفكير يفكر هؤلاء؟!
مظاهر واضحة في فئات منا، كلها تؤكد غياب الهدف من الصيام، فهل عرفت الآن لماذا تصوم، ومن أي الأقسام أنت؟.
إن الهدف من الصيام واضح محدد، قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ? [البقرة: 183].
كُتب علينا الصيام لنصل إلى درجة التقوى، وأنعم بها من منزلة، فالتقوى هي مطلبنا.
التقوى التي هي جماع الخير، التقوى الضمير الحي، التقوى هي الحساسية من الحرام والإثم، التقوى هي الخوف الدافع إلى الإنجاز، التقوى تلك الحياة القلبية التي لا تقبل إلا رضوان الله، تلك هي التقوى.
نحن لا نصوم لنأكل، ولا لنسهَر، ولا لنحقق رغباتنا وشهواتنا، ولا لِنَمْلأَ بطُوننا، ولا لننامَ ملءَ عيوننا، بل لنكون أنقياء، نجعل بيننا وبين عذاب الله وقاية؛ بفعل ما أَمَر، وترك ما نهَى.
ومَنْ أراد أن يعرف طريق التقوى فهذا رمضان هو طريقها، والموصل إليها، لأن الله جعل التقوى هدفاً يحققه المؤمن إذا صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً، إنه صوم ليس ككل صوم، لكنه عن إيمان واحتساب، أي عن تصديق جازم باعث على العمل، وقصدٍ واضح لنيل الأجر وجمعه.
أما الوسائل المهمة التي نحتاجها لتحقيق الهدف في رمضان، فهي:
1 - الإخلاص، وصدق التوجه إلى الله.
2 - التصديق الجازم بكل ما وعد الله، والاحتساب للأجر.
3 - المراقبة والمحاسبة.
4 - التدرُّب على الأخلاق الفاضلة.
5 - تكثيف العبادة:
6 - معايشة القرآن.
7 - قلة الأكل.
8 - الإحسان والصدقات.
9 - الاستجابة لأوامر الله، واجتناب نواهيه.
10 - الانضباط.
فلنبدأ الطريق نحو التقوى، ونيل مرضاة الله جلَّ وعلا، والاستعانة به على ذلك.
د. عويض العطوي
جامعة تبوك