[هيبة الدولة من هيبة (البراك) منقول]
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[28 Jul 2010, 12:03 م]ـ
أضع بين يدي القراء الكرام مقال جميل منقول من موقع الإسلام اليوم
هيبة الدولة من هيبة (البراك)
كاتب المقال: سلمان بن محمد العنزي
و ما كنتَ إلاّ ثعلباً بتَنوفةٍ أتيحتْ له صقعاءُ في الجو تَلمحُ
تَصُفُّ له طوراً وتقبضُ تارةً إذا ما أفاءتْ فوقهُ ظلَّ يَضْبَحُ
فلمَّا تعالتْ في السماءِ فحلّقتْ وأمكنَها والأرضُ دَرْمَاءُ صَرْدَحُ
تدلَّتْ عليهِ من مدى مُسْتَقَلّها وبينهما خَرقٌ من اللوحِ أفيحُ
برِزٍّ تُصيخُ الطيرُ منه مخافةً فهنَّ مُصِفَّاتٌ على الأرضِ جُنّحُ
هذه الهجماتُ المسعورةُ المنطلقة بنودها من أحراشِ الصحافةِ؛ ليس لها إلاّ هدفٌ واحدٌ لا يخطئه البصير ولا الضرير؛ هدف يعمد إلى الغور بعيداً حيث الجذور ليتسلط عليها، ويعمل فيها فتكه الخبيث وفساده الأشر، فإذا تم له تدمير تلك الجذور سهل عليه بضربةٍ واحدة أن يسقط الجذع المنخور في غفلة من أعين الرقباء بل بمساعدة بلهاء منهم!
يقولون: إن الثورات الكبرى التي تقلب المجتمعات وتغير العروش تأتي سريعة حاصدة تلقف ما بناه الآخرون، وما شيّده السابقون حتى لا تبقي منه شيئاً، وهذا صحيح إذا نظرنا لسرعة تنامي تلك الثورات وانتشارها بين الناس انتشار القنوات في مدارات الله النقية! ولكنه خاطئ إذا أخذناه حكماً فلسفياً يبحث في التاريخ، ويريد تأسيس قواعد تُبنى عليها الأحكام. إن تلك الثورات لم يكن لها أن تكون بهذه القوة وذلك الفساد المستطير لو لم تكن هناك ثورات فكرية واجتماعية ودينية مهّدت وزيّنت وقرّبت للثورات السياسية الوثوب على سدة الحكم والتحكم بمصائر الناس، وغالب ما تكون تلك الثورات الأدبية والفكرية والثقافية منفلتة من حجاز العقل، ومنطلقة من حجر الدين؛ تريد الحرية والعدل والمساواة بمعناها الواسع العبثي، ذلك الشعار الذي أطلقه اليهود ليقلبوا موازين العالم التي سامتهم الخسف، وجعلتهم أذلّ من عير الحي، ولا نحتاج إلى الإفاضة في هذا الأمر، وبحسب الإنسان أن يرجع إلى الحقبة التي سبقت الثورتين الفرنسية والبلشفية لتتبين له الصورة .. وإذاً فمن الخطأ الكبير أن يبصر المسؤولون هذه التحوّلات الضخمة في المجتمع؛ فكراً وعقيدة وسلوكاً، ثم يتغافلون عن ذلك وكأن شيئاً لم يحدث، وسواء كانت هناك مسببات لهذا التغافل حقيقية أو خيالية أم لم تكن هناك.
كنت قلت في مقال سابق: إن قيام دولة على أساس هو عين فنائها إذا تخلّت عن هذا الأساس .. وعليه فإذا قامت دولة على العصبية الدينية التي جمعت شمل الناس من مختلف الجهات والأعراق فإن عزها وبقاءها ودوامها لا يكون إلاّ بتقوية تيك العصبية وتوثيق تلك الشابكة، ودعم تلكم الفلسفة، وليّ أعناق الزائغات من بنات الفكر؛ لتتسق معها، وتمتثل أمرها، والأخذ على يد المخربين الذين لا ينتمون فكراً ولا فلسفة ولا ديناً إليها وإن انتموا جسداً ووطناً؛ لأن الأخذ على أيديهم فيه تقويم للنهج، وتصحيح للمسار، وتعميق للإرادة، وصقل للروح.
ومما هو معلوم بداهة من تاريخ الدولة السعودية أنها قامت على الجهاد بالعلم والسيف؛ العلم ممثلاً بالعلماء بدءاً بالشيخ محمد بن عبدالوهاب ومروراً بأبنائه وحفدته وطلابهم إلى أن وقف الزمان بنا عند شيخنا العلاّمة بقية السلف؛ عبد الرحمن البراك، والسيف؛ ممثلا بالحكام بدءاً بالإمام محمد بن سعود ومروراً بأبنائه ومن تفرّع من تلك الدوحة العظيمة حتى وصل الأمر إلى الملك عبد العزيز وأبنائه من بعده .. فأي محاولة لضرب طرف من هذين الطرفين أو التشغيب عليه وإثارة الفتن في سبيله؛ تكون في حقيقتها محاولة لضربهما معاً، والإطاحة بما يحملان من معانٍ كبيرة يقوم عليها الدين والملك .. والسكوت عن مثل هذا سكوت مخزٍ لا ينتج إلاّ الشر ولا يورث غير الفساد، وعاقبته شديدة على الساكتين؛ لأنهم المعنيون بالدرجة الأولى، علم ذلك من كان لديه أدنى فطنة ... !
¥