تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأثير المنهج التعليمي المحضري الشنقيطي في المناهج التعليمية المشرقية (الأزهر نموذجا)]

ـ[أحمد كوري]ــــــــ[17 Aug 2010, 03:20 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين

كانت علاقة المحضرة الشنقيطية بالمدارس المشرقية علاقة تفاعل عبر التاريخ؛ فما أكثر من رحل من الشناقطة وتلقى العلم في المدارس المشرقية، وكذلك كان لرواد المحضرة الذين رحلوا إلى المشرق بعد أن رسخوا في العلم على ظهور العيس، دور في إغناء المناهج التعليمية المشرقية بخصوصيات المحاضر الشنقيطية. وسيقتصر هذا المقال على دراسة علمين من هؤلاء الأعلام، كان لهما تأثير على مناهج الأزهر، هما: العلامة الشيخ محمد محمود بن التلاميذ التركزي الشنقيطي (ت: 1322هـ/1904م)، والعلامة الشيخ أحمد بن الأمين العلوي الشنقيطي (ت: 1331هـ/1913م).

1 - العلامة الشيخ محمد محمود بن التلاميد التركزي الشنقيطي والتأثير الفعلي:

أقام العلامة الشيخ محمد محمود بن التلاميد التركزي الشنقيطي في مصر في أواخر أيامه؛ فبهر المصريين بحفظه وعلمه، وأحس بعض المثقفين بضرورة الاستفادة من المنهج الذي يمثله الشيخ التركزي، وهو المنهج المحضري القائم على الاهتمام بالحفظ، وبتدريس علوم اللغة العربية، فكتب الشيخ محمد رشيد رضا في مجلته المنار يقترح على إدارة الأزهر أن تستفيد من علم الشيخ التركزي وتقرره مدرسا لعلوم اللغة العربية، وهي الفنون التي كانت تعيش عصر ازدهار في المحضرة الشنقيطية، يوازيه عصر ضعف في المشرق، كما يقول الشيخ محمد رشيد رضا (مجلة المنار – المجلد: 4، ص: 441، العدد الصادر بتاريخ: 16/ 5/1319هـ / 31/ 8/1901م.): "وُجد في مصر عالم من علماء اللغة يُعَدُّ في طبقة الأئمة الحفاظ الذين وضعوا لها المعاجم، ودوَّنوا الدواوين وهو الشيخ محمد محمود الشنقيطي، فلم يعرف له فضله أحد من علماء الأزهر ويرشد الناس إلى الانتفاع بعلمه إلا مفتي الديار المصرية الشيخ محمد عبده. وكان ينبغي لشيخ الأزهر أن يندبه لقراءة أشعار العرب وأراجيزهم في الأزهر، وقراءة بعض الكتب النافعة ككتاب سيبويه، وكتاب الكامل للمبرد، ويأمر العلماء ونجباء المجاورين بالتلقي عنه إذا كانوا يودون إحياء اللغة، ولا يحيا الدين إلا بحياة لغته".

وبعد أن تولى الشيخ محمد عبده الإشراف على شؤون الأزهر، استطاع أن ينفذ هذا المشروع؛ فعين الشيخ التركزي مدرسا لعلوم اللغة العربية في الأزهر، كما يقول الأستاذ أحمد حسن الزيات [مجلة الأزهر – العدد: 22 – الصادر بتاريخ: 1381هـ / 1961م.]: "وكان الأزهر قد درج طويلا على إغفال اللغة والأدب من مناهجه، حتى أدخلها الأستاذ الإمام [يعني: الشيخ محمد عبده] في الدراسة الحرة، وجعل دراسة اللغة للشيخ الشنقيطي"، ويحدثنا الأستاذ أحمد حسن الزيات عن منهج الشيخ التركزي في التدريس: "ثم لزمته بعد ذلك إلى أن فارقنا إلى لقاء ربه، لزمته أنا وأربعة أو خمسة من الرفاق؛ فكنا نصلي معه الجمعة من كل أسبوع، ثم نجلس أمامه بالجانب الأيمن من المنبر، فنقرأ عليه ساعة أو بعض الساعة، ثم ينصرف إلى داره، قرأنا عليه كتابه الحماسة ثم ديوان المعلقات، وكانت طريقته في التلقين أن يعنى بدقة الضبط وصحة الرواية، ولا يشرح لفظا ولا يفسر معنى إلا إذا سألناه". ويقول عميد الأدب العربي الدكتور طهحسين: [الأيام لطه حسين: 2/ 154 – 156 - ط دار المعارف - مصر.] "لم يكد الصبي يبلغ القاهرة ويستقر فيها حتى سمع ذكر الأدب والأدباء، كما سمع ذكر العلم والعلماء، سمع حديث الأدب بين هؤلاء الطلاب الكبار حين كانوا يذكرون الشيخ الشنقيطي رحمه الله وحماية الأستاذ الإمام [يعني: الشيخ محمد عبده] له وبره به، ( ... ) كان أولئك الطلبة الكبار يتحدثون بأنهم لم يرواضريبا للشيخ الشنقيطي في حفظ اللغة ورواية الحديث سندا ومتنا عن ظهر قلب ( ... ) وكان الشيخ يقرأ لبعض الطلاب هذه القصائد التي تعرف بالمعلقات".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير