أرشيف ملتقى أهل التفسير

[نحن والحضارة الغربية]

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 Jul 2010, 10:02 م]ـ

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين

وبعد:

كتبت جريدة سبق خبرا تحت عنوان:

"السعيدي: أخطبوط الكرة "بول" فتنة .. وآخر فصول ترنح الحضارة الغربية"

وليس لي اعتراض على كلام الدكتور محمد السعيدي فقد أجاد وأفاد في الدفاع عن العقيدة وبيان الحق في مثل هذه المسائل الخطيرة والمتعلقة بعلم الغيب.

ولكن اعتراضي هو على العنوان، حيث إن هذا العنوان قد يعطي رسائل غير صحيحة، ومن هذه الرسائل الخاطئة أن علينا أهل الإسلام أن ننتظر ذلك السقوط المدوي للحضارة الغربية فهي تترنح الآن وما علينا إلا أن ننتظر ونترقب.

وهذا ـ في نظري ـ حكم وتصوير غير دقيق للواقع البشري الذي تقوده الحضارة الغربية وتمسك زمامه بكل قوة وتوجهه كيفما شاءت.

نعم الحضارة الغربية تعاني أمراضا خطيرة ولكنها ليست وليدة الساعة بل هي أمراض مزمنة ورثتها عن الحضارة الرومانية، وهي أمراض عقدية واقتصادية وأخلاقية، ولكنها مع هذا استطاعت أن توجد بعض المقومات التي تمكنها من البقاء والاستمرار والسيطرة وأهم هذه المقومات:

النظام السياسي الفاعل المبني على أسس تخدم أهداف كفيلة إلى حد ما بالحفاظ على المجتمع الغربي من التفكك وربط بقاء القائمين على هذا النظام بمدى قدرتهم لتفعيل تلك الأسس التي قام عليها النظام.

ومن أهم الأسس التي قامت عليها الأنظمة السياسية في الحضارة الغربية هو الحفاظ على تلك النظم من المؤثرات الخارجية التي تتهددها وقد تؤدي إلى تفكيكها والقضاء عليها أو إضعافها ومن ثم السيطرة عليها.

وقد نهجت الأنظمة الغربية في تحقيق هذا الهدف سياسة: " الهجوم خير وسيلة للدفاع" وقد نجحت في ذلك إلى حد بعيد وأعظم دليل على نجاحها هو ما نراه من السيطرة الكاملة للحضارة الغربية على إدارة دفة الأحداث على مختلف الأصعدة: سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية.

ومن هنا يمكن أن نسأل:

ما هو موقفنا نحن المسلمين من هذه الحضارة؟

وهل فعلا أن هذه الحضارة تترنح وأنها على وشك السقوط؟

وهل سيكون سبب سقوطها من داخلها أو من خارجها؟

وإذا كان سبب سقوطها سيكون من داخلها فما الذي سيستفيده المسلمون من هذا السقوط؟

أما إذا كنا نتوقع أن سبب السقوط سيكون من الخارج فالسؤال المفروض: من سيسقطها؟

وفي الختام أود أن أذكر بشيء من التأريخ يجب أن يكون منا على بال:

إن الحضارتين الرومانية والفارسية كانتا تعاني من الأمراض العقدية والأخلاقية أكثر مما تعانيه الحضارة الغربية اليوم فهل ترنحتا وسقطتا بسبب أمراضهما؟