تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[فقه رباعي]

ـ[فيوض]ــــــــ[02 Aug 2010, 02:35 ص]ـ

فبسم الله أبدأ، وبسم الله أحيا، وبسم الله أقول: لكي يعيش المرء عيشة هنية سليمة مفعمة بكل فلاح ونماء، وكل إيجابية وعطاء؛ فلا بد له من فقه وفهم لأمور أربع: منها ثلاث لها خطوط عريضة يشترك فيها كل أحد، وهي الحياة، والنفس، والدين، وأما الرابعة: فهي الواقع وهو وليد بيئة تختصها ظروف العصر والمصر!

أول هذه الأربع هو فقه الحياة: ولفقهها لا بد أن تعرف أن أس الحياة وأساسها الألم، ويحيط بها من جميع جوانبها التعب والكبد، وتبث في نفوس ساكنيها - من أجل لعاعة فيها- الغل والحسد!، فهي دار ابتلاء لا بقاء، ودور الابتلاء عادة مطبوعة على الأكدار، والكدر يتفاوت بتفاوت أهله وظرفه وما قدره الله لصاحبه!، والحياة: مرحلة سفر وممر، لا مكان إقامة ومقر، فعلى المسافر أن يتحمل وعثاء السفر، ومكابد الطريق، ليبلغ وجهته، ويحقق البغية من رحلته!، والحياة: فيها من كل شيء أشياء، بها ستعرف نعيم ولذة الجنة – أسكنك الله الفردوس الأعلى منها- إذ لولا ما تذوقه هنا من عناء، لما عرفت هنالك لذة الهناء! فبضدها تتبين الأشياء!، والحياة: مجبولة على الصراع؛ صراع مع نفسك، وصراع مع من حولك، وصراع مع ظروفك وبيئتك، وصراع مع أعداءك، وصراع حقك مع باطلك، فافقه طرفي الصراع وطبيعته، وأعد لكل ميدان عدته!

أما ثاني هذه الأربع فهو فقه النفس: فاعلم أن النفس البشرية بمنزلة الحيوان المفترس بل أشد، فالأسود الضارية كلما روضتها تروضت وانقادت لك مع مرور الوقت؛ بينما النفس كلما روضتها تروضت ساعة وتفلتت ساعات، فالتعامل معها يحتاج إلى مزيد عناية وجهد وحزم!، والنفس: كالطفل ولكنها خبيثة، تأتي إلى الشيء النقي الصافي فتتعمد تلويثه، فهي كطفلة طبعت على الخديعة والمراوغة والمكر، تحتاج إلى من يسوسها بكل عزيمة وقوة وصبر!، واعلم أن النفس: أشد تقلباً من الطقس، وتتخبط أحياناً كمن يتخبطه الشيطان من المس، فحقيقتها ضرب من التناقض والتضاد والعبث والجنون، ولإحكام قبضتك عليها لا بد لك من علوم وفنون!، واعلم أن النفس: كقفل محكم ليس له إلا مفتاح واحد، مفتاح لا يقبل النسخ، فمن ضيعه فقد ضيع نفسه ونفيسه، ومن ملكه فقد آنس قلبه وجليسه، وكل ما على الإنسان هو أن يبحث عن مفتاحه الثمين، ثم يضعه في مكان قصي أمين!، كي لا يعبث به تصرف الأيام، أوتقلب من حوله من الأنام!

أما ثالث هذه الأمور فهو فقه الواقع: فالواقع صعب ومرير، ومرارته من مرارة معاصريه، فكلما ازدادوا سوءاً، ازداد كرماً في توزيع حصص الألم، فالواقع كثيراً ما تتغير فيه النعم إلى نقم، وقليلاً ما تتحول فيه النقم إلى نعم، في تبادل مدهش وتنوع مذهل!، والواقع كتاب مفتوح لك لتقرأه، ولكن لا بد لك من أن تجيد لغة التأمل والإيحاء، وملكة المتابعة والإصغاء، ومن قرأه بعمق علم، ومن قلب صفحاته بدقة فهم؛ أنه في أي لحظة من لحظاته قد يأتي دوره فيمتحن!

وأما رابع الأربعة، فهو أهم كلامٍ أقوله فاسمعه، لبه الفقه في الدين، وخلاصته الهدف من خلق العالمين، فالإسلام: دين عظيم، والفقه فيه -بحق- عزيز، فيه من العلوم المذهلة الحمل الكثير، وفيه من المعاني السامية الشيء الغزير، للفقه فيه لذة مختلفة وفريدة، ولكنها من قبيل اللذة العنيدة، لا يتيسر مهرها لكل طالب، ولا يدر ضرعها لكل حالب!، فالدين: محيط يحتضن بأمان كل غواص داخل، ولكن الكثير من أهله قنعوا بأن يكونوا على الساحل، يظن بعضهم أنه قد عب منه وعلم، وهو في الحقيقة حقاً ما فهم؛ غير ظواهر بعض الآي وجوامع الكلم، فتقول حين تسمع بعض حديثه: ألا ليته سكت فسلم!، والدين يحتاجه كلك، جسمك وعقلك وقلبك وروحك وفكرك ومالك ووقتك وحياتك، كلك لتأخذ بعضاً من عطره؛ تزيل به شيئاً من درنك ودرن نفسك، لتصبح أريجاً ينشر عبقه أينما حل وارتحل!، والدين: أعمق من كتاب نقرؤه، وأثرى من درس نحضره، وأكبر من كلام بشر في لقاء نسمعه، وأكثر من مجرد واجب عبادي نفعله، الدين: حياة لقلبك، وموجه لعقلك، وأنيس لروحك، و ضابط لفكرك، وانشراح لصدرك، واطمئنان لفؤادك، واستقرار لجنانك، وسمو لنفسك!، فالدين: تديين نفسك لرب العالمين!

والحديث عن هذه الأمور الأربع: قد يستغرق مني ساعاتٌ لو أردتَ، ومقالاتٌ كثيراتٌ لو رغبتَ، ولكن حسبي أن أشير إلى الخطوط المهمة العريضة، فالحديث عنها في كتب التأمل والتدبر والتفكر مستفيضة، ومن سار متفقهاً فيها وهو في سيره متوازي، فقد نال حظه من الغنيمة وإن لم يك من أهل المغازي، ولكن هذا ما جاد به العقل من الإعداد، وما سمح به الزمان والمكان من الإيراد، فلك غنمه وعليّ غرمه، إن كنت ترى فيه شيئاً قد يعد غنيمة!

..................

منقول من مفكرتي بلا مرجع ولا كاتب .. !! لكن الأكيد أنه من أحد المواقع!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير