إستعداداً لشهر رمضان، لنتذكر معنى الصوم
ـ[أحمد قطشة]ــــــــ[18 Jul 2010, 03:46 م]ـ
السلام عليكم
هذا مقال كتبته العام الماضي، ورغم علمي أنكم أوعى لمافيه، وأنه مبسط وهدفه العامة، لكن أضعه هنا للفائدة، وأستميحكم عذراً في ذلك
كما هو معلوم، أيام قليلة ويطل علينا شهر كريم، فيه أحد أهم العبادات، العمل الصالح فيه له نكهة خاصة، شهر ليله ونهاره فرصة مفتوحة للتقرب لله عز وجل، وهو شهر العمل، وليس شهر النوم والكسل، فيه وقعت معركة بدر الكبرى، وفتح مكة، ومعركة حطين، وقعت عندما كان الناس يعرفون معنى الصيام.
كثيرٌ منا بدء صومه وهو في سن صغير من العمر، تعلمنا حينها أن الصوم هو عدم الأكل والشرب، وكثيراً ما كنا نتفاخر بصيامنا ليوم كامل أمام أصحابنا، حتى لو لم نكررها في اليوم التالي، وللآسف منذ ذلك الوقت، فإن مفهوم الصيام إنحصر في الامتناع عن الطعام والشراب، ولم يستطع كثير منا، إلا من رحم ربي، معرفة المعاني الحقيقية للصوم، لدرجة أن طفلاً لو سألنا لماذا نصوم؟ لأجبناه: لكي نشعر بالفقراء والمساكين. ومن حسن الحظ أن هذا الطفل لا يتبادر لذهنه سؤال من قبيل: ولماذا إذاً الفقراء والمساكين يصومون؟ أو لماذا أيضاً الامتناع عن الماء؟ فهو متوفر في أي جامع مثلاً.
لنتحدث بداية عن ضرورة الاستعداد لهذا الشهر، ولماذا يجب أن يكون ذلك قبل بدءه، فكما تعرفون قصة الصحابي حنظلة رض1الذي أتى رسول الله صل1 يبكي ويقول لقد نافقت، وعندما سأله عليه الصلاة والسلام: قال: (((يا رسول الله! إذا كنا عندك كأننا نرى الجنة والنار رأي العين، فإذا ذهبنا إلى أهلينا وأولادنا وعاشرنا النساء والضياع نسينا. قال: لو تكونون كما كنتم عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات))).
أقول هذا حال صحابي بين يدي رسول الله صل1،فما حالنا نحن؟ لعل قلوبنا دقائق وأيام وليس ساعة فساعة، من أجل هذا لا بد من الاستعداد لمثل هذه المواسم العظيمة، فكيف إذا كان موسم تُعتق فيه الرقاب من النار، ألا يستحق الاستعداد له؟
قد يقول قائل: الشهر 30 يوماً، دعنا ننهي الملذات قبل الانقطاع، وخلال الشهر ندرك الأجر، فأقول وماحال من سيتوفاه الله أول ليلة من الشهر، هل أدرك العتق من النار بقيام أول ليلة فقط، وكان قبل ساعات قليلة يلهو ويتمتع، ثم علم بدخول الشهر، فوقف في المسجد يصلي التراويح، لا أعتقد أن الأمر بهذه البساطة، دون أن نتألى على الله عز وجل.
بعبارة أخرى، يجب أن يكون هدف كل منا، العتق في أول ليلة من رمضان، فإن لم يتحقق في أول ليلة، كان الهدف ثاني ليلة، وهكذا حتى يتحقق بفضل الله، عندما يرى من المرء اجتهاده وحرصه، فلا أحد يدري ساعة المنية متى تكون، ولا أحد يضمن العيش حتى يدخل رمضان، فهذا أولاً.
الله سبحانه وتعالى عندما فرض العبادات والطاعات، جعل في كل منها هدفاً واضحاً يمكن الوصول إليه وقياسه دنيوياً، فقال سبحانه عن الصلاة (((إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ))) [العنكبوت: 45]، وبالتالي من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فعليه أن يراجع صلاته، وقال سبحانه عن الزكاة والصدقات (((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا))) [التوبة: 103]، فمن لا يشعر بأنه يتطهر عند التصدق، ومن لا يشعر ببركة رزقه رغم حرصه على الزكاة، فعليه أن يراجع نفسه مرة أخرى.
والصوم ليس بخارج عن هذه القاعدة، ففي القرآن الكريم نقرأ في أول آية للصوم قوله تعالى (((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))) [البقرة: 183]، وفي سورة البقرة أيضاً في آخر أيات الصوم نقرأ (((كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ))) [البقرة: 187]، فكما هو واضح وكما يعرف الكثيرون الأمر إذاً متعلق بالتقوى.
لكن ماهي التقوى؟
تقليدياً تعلمنا أنها أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، وتقليدياً أيضاً يعني هذا الكلام الابتعاد عن المعاصي و المنكرات، وهذا صحيح، لكن في القرآن التقوى لديها معنى آخر أيضاً.
¥