تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[صلة الارحام بين الحقيقة والوهم]

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[21 Jul 2010, 11:31 م]ـ

[صلة الارحام بين الحقيقة والوهم]

من الاخطاء الشائعة بين العوام من الناس ناهيك عن مثقفيهم هو الفهم الخاطيء حول مفهوم صلة الارحام. فكثير من الناس يظن أن المقصود بصلة الرحم هي الصلة التي تخص المرأة الانثى سواء كانت تلك المرأة أخت أو ابنة أو عمة أو خالة أو أبنة أخ أو أخت أو غير ذلك من درجات القرابة التي تخص المرأة فحسب. ويظنون أيضاً أن الاحاديث النبوية التي حثت على صلة الارحام إنما تخص فئة محددة بعينها وهي فئة الأنوثة.

ولكن الحقيقة التي لم يختلف عليها العلماء أن أمر صلة الأرحام هو مفهوم شامل يضم جميع الأقارب ذكوراً كانوا أم اناثاً، مهما كانت درجة قرابتهم، ما داموا جميعاً ينتسبون الى عشيرة واحدة ودمٍ واحد.

وصلة الارحام مِنْ الْفَرَائِضِ كما قرر العلماء وعَلَى الْمُسلم أَيْ يَزُورَ رَحِمَهُ أَيْ قَرَابَتَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ بَعُدُوا عَلَى الْمَشْهُورِ , وَتَكُون الصِّلَةُ بِالزِّيَارَةِ وَبِبَذْلِ الْمَالِ وَبِالْقَوْلِ الْحَسَنِ , وَبِالسُّؤَالِ عَنْ الْحَالِ وَالصَّفْحِ عَنْ زَلَّاتِهِمْ وَبِالْمَعُونَةِ لَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ , وَقَيَّدْ الله تعالى ذلك بِالْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُسْلِمِ لَهُمْ إلَّا بِرَّ وَالِدَيْهِ , وَأَمَّا الصِّلَةُ وَمَا شَابَهَهَا مِمَّا يَسْتَدْعِي كَثْرَةَ التَّرَدُّدِ وَمَحَبَّةَ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ فَلَا تكون إلا للأفارب , وَالصِّلَةُ بِالزِّيَارَةِ إنَّمَا تَكُونُ مِمَّنْ قَرُبَ مِنْ مَحَلِّ أَرْحَامِهِ , وَأَمَّا بَعِيدُ الْمَحَلِّ فَتَكُونُ زِيَارَتُهُ بِالْكُتُابِة إلَيْهِ أَوْ إرْسَالِ الرَّسُولِ أو الاتصال بالهاتف إن أمكن.

وقد دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّةِ صِلَةِ الْأَرْحَامِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةُ. قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ}. وَالْإِجْمَاعُ دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّةِ صِلَةِ الرَّحِمِ , مَنْ تَرَكَهَا يَكُونُ عَاصِيًا , وَيَجِبُ صِلَةُ الرَّحِمِ سواء وَصَلَكَ القريب أَوْ قَطَعَكَ , فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: لَيْسَ الْمُوَاصِلُ مِنْ يَصِلُ مَنْ وَصَلَهُ وَإِنَّمَا الْمُوَاصلُ مِنْ يَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ , لِأَنَّ الْمُوَاصلِ بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ.

ويُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَنْ يَكُونُ رَحِمُهُ يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يُحِبُّ أَنْ يَصِلَهُ وَيَتَضَرَّرُ مِنْ حُضُورِهِ لَهُ , كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي بَعْضِ الْأَغْنِيَاءِ لَا يُحِبُّونَ مِنْ أَرْحَامِهِمْ الْفُقَرَاءِ الْقُرْبَ إلَيْهِمْ , فَهَؤُلَاءِ لَا يُطْلَبُ مِنْ الْقَرِيبِ الْفَقِيرِ صِلَتُهُمْ , وَلَا شَكَّ فِي إثْمِ الْغَنِيِّ بَلْ هُوَ اللَّئِيمُ , لِأَنَّهُ الَّذِي إذَا اسْتَغْنَى يَجْفُو قَرَابَتَهُ الْفُقَرَاءَ وَيُنْكِرُ نِسْبَتَهُمْ إلَيْهِ.

وَفِي صِلَةِ الْأَرْحَامِ فَوَائِدُ , مِنْهَا: أَنَّهَا تُطِيلُ فِي الْعُمُرِ وَتَزِيدُ فِي الرِّزْقِ وَتَدْعُو لِمَنْ يَصِلُهَا , فَفِي الصَّحِيحِ: {مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي عُمُرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ}

ففي صلة الرحم تحقيق السعة في الأرزاق والبركة في الأعمار بسبب التوفيق إلى الطاعة، وعمارة الوقت بما ينفع في الدنيا والآخرة، وما يحصل للواصل من التوفيق للعلم الذي ينتفع به من بعده، والصدقة الجارية عليه، والخلف الصالح.

وتكون صلة الرحم بالتوادد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة المستحبة، والإنفاق على القريب، وتفقد أحوالهم والتغافل عن زلالهم والدعاء لهم. وإيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير