تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وتزودوا -3 - زاد التقوى]

ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[22 Aug 2010, 01:39 ص]ـ

وتزودوا -3 -

زاد التقوى

يقول سبحانه في محكم التنزيل:" وتزودوا فإن خير الزاد التقوى". (سورة البقرة/197.).

إنها من خير الزاد كما قرر المولى الباري، وكيف لا تكون كذلك، وقد منح عليها التقوى التي تحقق المعية المؤدية إلى البناء السوي للانسان، مطلب عزيز، ووصية قرآنية ملحة وجهت لكل بني الانسان عامهم وخاصهم، قال تعالى: " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " (النساء/131).

بل يكفي لبيان أهميتها أن الله أوصى بها خير خلقه وأتقاهم له نبيه محمدا الأمين: " يا أيها النبيء اتق الله " .. (الاحزاب/1).).

وبالتأكيد أن من تأمل آيات التقوى التي يتجاوز عددها الثمانين يجد الانسان نفسه أمام كنز عظيم من العطاء؛

فبها يتحقق الفرج لقوله تعالى:" ومن يتق الله يجعل له مخرجا " (الطلاق/2)،

ويتحقق الرزق بغير حساب لقوله تعالى:" ويرزقه من حيث لا يحتسب"،

ويتحقق اليسر لقوله تعالى:" ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا". (الطلاق/4).

ويتحصل العلم:" واتقوا الله ويعلمكم الله " .. (البقرة/282).

فالتقوى هي طاعة الله واتباع أوامره، والبعد عما نهى الله واجتناب محارمه، وهي ألا يراك الله حيث نهاك وألا يفتقدك حيث أمرك.

هي أصل الأصول، والروح بالنسبة للجسد.

دين بدون تقوى هو جسد بدون روح، ولكي يتقي الانسان ربه، لابد أن يعلم ما يتقى فيتقي، فلكي تتقي عذاب الله وهذا مطلوب، لابد أن تجعل وقاية مما يؤدي بك الى عذاب الله، فإن لم يعلم المرء ما يتقي وقع فيما يغضب الله دون أن يدري، فالعلم بما أحل الله وبما حرم الله يعين على التقوى.

والناس يتفاوتون في التقوى، فهناك من يفعل الواجبات ويتقي المحرمات، وهناك من يفعل الواجبات والمندوبات ويتقي المحرمات والمكروهات، وهناك من يتقي بعض ما أحل الله خشية الوقوع فيما حرم الله.

فبحسب تفاوت الايمان تتفاوت التقوى. ولذلك قال سبحانه (صلى الله عليه وسلم):" إن أكرمكم عند الله أتقاكم ". (الحجرات/13).

وأكرمنا هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهي بالتبعية لكل من سار سيره واتبع منهجه.

ويكفي لبيان قدرها وعظيم أثرها أن رب العالمين جعل المتمثل لها يحصل على معية الرحمان، وما أعظمه من مكسب يتحقق للمسلم بذلك. حيث يقول تعالى:" واتقوا الله إن الله مع المتقين". (البقرة/19). ويقول سبحانه:" إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون". (التوبة/36) ويقول عز من قائل:" وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين". (التوبة/123). ويقول أيضا:" يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين". (النحل/128).

وقد فهم السلف الصالح دلالتها العميقة وسرها العجيب، فاعتمدوها منهجا لحياتهم وآمنوا بضرورتها واعتبروا فقدها فقدا لأنفسهم وشرا يجب تجاوزه وتلافيه.

ومما يبين ذلك مسلك الفاروق عمر (رضي الله عنه) الذي جاءه رجل فقال له: يا عمر اتق الله، فذهب الرجل، فقال عمر: وما فينا خير إن لم يقل لنا، وما فيهم خير إن لم يقولوها لنا " .. [1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn1)

والتقوى محلها القلب كما قال (صلى الله عليه وسلم):"…التقوى هاهنا وأومأ بيده الى صدره ثلاث مرات" [2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn2)، ولكن قلوب العباد أنواع وأشكال، ولا تصلح كلها مأوى أو مسكنا صالحا له، بل لابد للقلب أن يكون سليما معافى من الأمراض كما بين سبحانه ذلك في قوله:" في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا"، لأن المرض يبعد التقوى من الولوج الى القلب، أن يكون أجردا منورا كما سبق الاشارة إلى ذلك سابقا.

والأمراض القلبية كثيرة لا تعد ولا تحصى بدليل أن علاجها جزء لا يتجزأ من عمل الأنبياء والرسل، وذلك بالمحافظة على فطرهم وتذكيرهم بالمستقبل الذي ينتظرهم، وتحذيرهم من الشهوات التي تزحف عليهم، وتنبيههم الى ما يعكر صفو إيمانهم من معوقات نفسية لا يستشعرها إلا قوي الايمان من حسد وحقد وغرور وضغينة وكبر…

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير