تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بعض مناظرات الإمام الباقلاني]

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[20 Jul 2010, 09:22 ص]ـ

ضمن حلقة لمسات بيانية على قناة الشارقة تكلم الدكتور عبد العزيز القناوي صافي الجيل، الأستاذ بشبكة جامعة عجمان في موضوع مهم نحتاجه في هذا العصر وهو متعلق بأدب المناظرات العلمية رغبت أن أنقل لكم كلامه، وهذا نص ما ذكره الدكتور حرفياً كما جاء في الحلقة:

ما أحوجنا اليوم وما أحوج الدعاة إلى القدرة على المناظرة والمحاورة والمجادلة. أحياناً لا يكون الحديث المراد منه ما هو مطروح، هذا المنطق إستخدمه علماؤنا في فترات متعددة. لما جاء الإمام الباقلاني رحمه الله ودرات مناظرة بينه وبين أحد القساوسة، سأله الإمام الباقلاني أول ما لقي هذا القسيس كيف حال زوجتك وأولادك؟ وهو يعلم أن من وصل إلى هذه المنزلة لا يتزوج، هو لا يجهل ذلك وإنما أراد من هذا السؤال أن يوصله إلى الحقيقة: أنتم تنسبون لله الزوجة والولد ولا تستكثرون ذلك فكيف تستنكر عليّ أن أنسب إليك الزوج والولد؟! هذا منطق واستخدام المنطق بالحجة والبرهان وهذا الذي يُقنِع الآخرين. قال هذا القسيس للإمام الباقلاني قال: كيف كان وجه أمكم عائشة وقد قدمت مع صفوان متخلفة عن الركب؟ يشير إلى حادثة الإفك؟ هذا القسيس يريد أن يطعن بالقرآن حاول أن يستفز الإمام الباقلاني ليخرجه عن صوابه لكن الإمام الباقلاني رحمه الله كان هادئاً رصيناً وأجابه فقال كان وجهها رضي الله عنها كوجه أمكم وأمنا مريم عليها السلام وقد جاءت تحمل ولدها. أنت تتهم أمنا عائشة وهي لم تأتي بولد ولا شيء وأمكم وأمنا مريم عليها السلام على الرغم من أنها جاءت بعيسى بغير زوج وما اتهمناها بالزنى. يعني لو منطق القسيس سليماً لحكم على هذه قبل أن يهكم على السيدة عائشة رضي الله عنها، الإمام الباقلاني لا يريد أن يطعن في السيدة مريم وإنما يريد أن يوصله إلى الحقيقة. أحياناً إيصال الإنسان إلى الحقيقة بأساليب متعددة هذا مطلوب. سيدنا يوسف عليع السلام لما سأل عمن سرق قال (فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) يوسف) هو يعلم أن أخاه ما سرق لكن إستخدام هذا لغرض آخر أسمى. أمرهم بوضع السقاية في رحل أخيه وهو لا يمكن أن يأخذ أخيه بغير طريقة لأنه لو فعل لو أخذ أخيه بغير هذه الطريقة لاتهموه بالظلم ولقالوا هذا جبار وظالم، لكن حتى لو أراد الوصول إلى أخيه بإشاعة هذه الضجة وأن حاكم مصر مستبد ويوسف عليه السلام لا يريد أن يظهر بهذا المظهر وأن يشاع عليه ذلك لكن كان وضع السقاية في رحل أخيه صار القانون أن يأخذ من سرق فكان بأسلوب، توصل إلى ما يريد بأسلوب مقبول ويرضى إخوة يوسف به ولذلك حاولوا أن يستبدلوه أن يأخذ أحدهم مكانه وسلّموه لأنه في نظرهم أن أخوهم فعلاً فعل هذا. وهذا ما عبّر عنه القرآن بالمكيدة.

الإمام الباقلاني رحمه الله حبذا لو جمعت مناظراته وأعدّت في رسالة، هي مناظرات مفرقة في بطون الكتب وكانت مناظرات قيمة في غاية الروعة. مما قاله هذا القسيس: يا معاشر المسلمين لماذا نرى في دينكم تعصباً، قالوا وأين ذلك؟ قال دينكم يبيح لكم الزواج من بناتنا نحن أهل الكتاب فلماذا تمنعونا الزواج من بناتكم؟ فالإمام الباقلاني قال لا أرى في ذلك تعصباً نحن آمنا بموسى وعيسى فأبيح لنا الزواج من بناتكم آمنوا بمحمد نزوجكم من بناتنا. أخذ الإمام الباقلاني الأمور بكل هدوء وعقلانية ليقنع الطرف الآخر في النتيجة أعلن هذا القسيس إسلامه أمام الملأ لما سمع المنطق السديد الهادئ. للأسف الشديد اليوم البعض يريد أن يدافع عن الإسلام فيسيء إليه أكثر من حيث يظن أنه يُحسن وتأخذه الحميّ’، لكن في مجال مناظرة علمية يجب الحفاظ على التوازن ومقابلة الحجة بالحجة لا أن تستثار!. وهكذا كان أحمد ديدات رحمه الله وهكذا كان علماء المسلمين سابقاً وكانت تعقد المناظرات سواء كانت بين علماء المسلمين وغير المسلمين أو داخل الطوائف المسلمة بين علماء المسلمين بين بعضهم من مذاهب مختلفة ومن كانت حجته أقوى يسلِّم له الآخر.

ومن كلام الدكتور ربما يكون هناك من يقوم بجمع مناظرات الإمام الباقلاني المتفرقة في بطون أمهات الكتب فما أحوجنا للتعلم من أمثال هؤلاء الأفاضل أدب المناظرات بيننا وبين المسلمين وغير المسلمين.

ـ[خلوصي]ــــــــ[20 Jul 2010, 01:20 م]ـ

بديع جداً دكتورة!

و لم لا تكون د. سمر حفظها الله هي من يقوم بالجمع هنا؟

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[20 Jul 2010, 02:36 م]ـ

شكر الله لك أخي الكريم على حسن ظنك. ولو كنت أعلم الكتب التي حوت مثل هذه المناظرات لما ترددت في جمعها فيا ليت من يعلمها يضيفها هنا وييسر الله تعالى الجمع.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير