تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(2) قال الخليلي في " الإرشاد " 1/ 408: ((يحتاج في هذا الأمر إلى الديانة والإتقان والحفظ ومعرفة الرجال ومعرفة الترتيب ويكتب ما له وما عليه، ثم يتأمّل في الرجال فيميز بين الصحيح والسقيم، ثم يعرف التواريخ، وعمر العلماء، حتى يعرف من أدركَ مِمّن لم يُدرك، ويعرف التدليس للشيوخ)).

(3) "إعلام الموقعين" 4/ 207 - 208.

.................................................. ..................

وقال تلميذه العلامة الحافظ ابن رجب الحنبلي: ((اعلم أنَّ معرفة صحة الحديث وسقمه تحصل من وجهين: أحدهما: معرفة رجاله وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هيِّن؛ لانَّ الثقات والضعفاء قد دُوِّنوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التواليف. والوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع، ونحو ذلك. وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث)) (1). ولابد لطالب العلم في هذا الزمن ممن يريد أنْ يكون من العارفين بعلل الحديث أنْ يعلم أنَّ هذا العلم لا يأتي من فراغ، ولا يُتعلم في ليلة وضحاها، بل لا بد لتعلمه من مقدمات. فهو علم يتعلمه ويحسن معرفته من يأخذ بأسبابه كبقية العلوم، فلا بد من كثرة القراءة في كتب العلل النظرية والتطبيقية كـ"علل ابن المديني " و "علل ابن معين" و"علل الإمام أحمد" و"التمييز" و"علل الترمذي الكبير"، و"مسند البزار" و"علل ابن عمّار الشهيد" و"علل ابن أبي حاتم"، و"علل الدارقطني" وكتابه: "التتبع".

....................

(1) "شرح علل الترمذي" 2/ 467 – 468 ط. عتر و 2/ 663 ط. همام.

.................................................. .................................................. .

ومن أهم الواجبات على أهل هذا الزمان تتبّع أقوال كبار نقاد الحديث على الحديث المراد بحثه، وذلك بالرجوع إلى كتب العلل والمسانيد والجوامع وغيرها، وإلى كتب التخريج التي عند المتأخرين التي تنقل أقوال المتقدمين ثم الاستفادة من كل كلمة يقولونها عن الحديث؛ لأنَّ إعلالات الأئمة للأخبار مبنيةٌ في الغالب على الاختصار، والإجمال، والإشارة وعدم التفصيل، فيقولون مثلاً: ((الصواب رواية فلان)) (1)، أو ((وَهِمَ فلانٌ)) (2)، أو ((لا يتابع عليه)) (3) أو ((لا يعرف الحديث إلا به)) (4). أو ((حديث فلان يشبه حديث فلان)) (5) أو ((دَخَلَ حديثٌ في حديث)) (6) أو ((حديث ليس له إسناد)) (7) أو ((هذا حديث فائدة)) (8) وهم في الأعم الأغلب لا يذكرون الأدلة والأسباب التي دعتهم إلى ذلك القول؛ لأنَّ كلامهم في الغالب موجهٌ إلى أناسٍ يفهمون الصناعة الحديثية والعلل، يدركون المراد بمجرد إشارة الإمام للعلة وذكرها وكأنهَّم لا يحتاجون إلى مزيد إيضاح، ولسان حال أولئك أنَّهم ألفوا هذا العلم لهؤلاء القوم.

ثمّ بعدَ النظر إلى كلام الأئمة النقاد لا بد من دراسة أسباب هذا الحُكْم من الناقد، ثم الموازنة بين أقوال بقية النقاد له، وتجدر الإشارة إلى أن كثرة الممارسة لكلام النقاد، وفهم مرادهم في إطلاقاتهم تتكون لدى الباحث مَلَكةٌ تؤدي إلى فهم هذا العلم فهماً صحيحاً.

ومن الأمور المهمة التي تلزم المعلل: معرفة عدد ما لكل راو عن شيخه من الأحاديث (9) وكذلك ما يروى بالإسناد الواحد من الأحاديث، وهو ما يسميه المحدّثون " نسخة " أو "صحيفة"، وكذلك معرفة ما لم يسمعه الراوي من شيخه؛ فالراوي قد يسمع من شيخه مجموعة من الأحاديث، وبالمقابل لا يسمع من شيخه أحاديث أخرى، ومن أهم ما يلزم المعلل معرفة أحاديث الباب؛ إذ قد تأتي أحاديث معلولة ناتجة عن خطأ يظنها غير المتأمل شواهد تقوي أحاديث الباب، ثم لا بد للمعلل من معرفة الأسانيد التي لا يثبت منها شيء؛ لذا نجد المحدثين قد أولوا ذلك عناية بالغة (10)؛ إذ إنَّ بعض الأحاديث لا ترد إلا من تلك الأسانيد التي لا أصل لصحتها، ومثل ذلك أمارةٌ على بطلان تلك الأحاديث.

.......................

(1) انظر: "تهذيب التهذيب" 8/ 76.

(2) انظر: "علل ابن أبي حاتم" (45).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير