تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

} (الزمر 36) , كل ذلك من أجل ترسيخ هذا المعنى في النفوس , وعدم نسيانه في زحمة الحياة , وجاءتنا السنة بقصة هذين الرجلين من الأمم السابقة , اللذين ضربا أروع الأمثلة لهذا المعنى.

• إن هذه القصة تدل على عظيم لطف الله وحفظه , وكفايته لعبده إذا توكل عليه وفوض الأمر إليه , وأثر التوكل على الله في قضاء الحاجات , فالذي يجب على الإنسان أن يحسن الظن بربه على الدوام , وفي جميع الأحوال , والله عز وجل عند ظن العبد به , فإن ظن به الخير كان الله له بكل خير أسرع , وإن ظن به غير ذلك فقد ظن بربه ظن السوء.

• إذا بلغ العبد الغاية من الزهد، أخرجه ذلك إلى التوكل

فإذا اتكلت فكن بربك واثقاً لا ما تحصل عندك الموثوق

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا.

( ... وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:3)

قصة جرة الذهب

كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشترى رجل من رجل عقاراً له (أرضاً) فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب!!

المشتري (للبائع): خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أشتر منك الذهب!!

البائع (ممتنعاً): إنما بعتك الأرض وما فيها. – يحتكمان إلى رجل -.

الحكم: ألكما ولد؟

أحدهما: لي غلام.

الآخر: لي جارية.

الحكم: أنحكوا (زوجوا) الغلام للجارية وأنفقوا عن أنفسكما منه، وتصدقا.

من فوائد القصة

1 - أداء الأمانة مطلوب لقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا).

2 - القناعة كنز لا يفنى تعود بالخير والبركة على صاحبها.

3 - مشروعية الاحتكام إلى عالم بالكتاب والسنة، دون الذهاب إلى المحاكم المدنية التي تضيع الأموال والأوقات عملاً بقول الله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)

4 - من رضي بما أعطاه الله كان من أغنى الناس لقوله صلى الله عليه وسلم:-

أ- (وأرضَ بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس).

ب- ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس.

5 - الرزق مقسوم، لا بد أن يصل إليك في وقته ومقداره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت) قال الشيخ الألباني رحمه الله: رواه الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد حسن.

6 - على المسلم أن يقنع بالحلال، ويترك الحرام والطمع فيما ليس له، ويأخذ بالأسباب المشروعة للرزق، وأن العمل الصالح يكفل له السعادة في الدنيا والآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله وأحملوا في الطلب).

7 - الحكم العادل يرضي المحتكمين.

8 - عدم الطمع فيما ليس للإنسان.

كيف نربي أبنائنا على مراقبة الله وأن الله معنا ويراقبنا؟

قصة ابن عمر والراعي:

ذكر هذه القصة ابن الجوزي رحمه الله في صفة الصفوة (2/ 188)

قال نافع: خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة فمر بهم راع

فقال له عبد الله: هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة.

فقال: إني صائم

فقال له عبد الله: في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم

فقال الراعي: أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر

وقال: هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها ما تقطر عليه وتعطيك ثمنها

قال: إنها ليست لي إنها لمولاي

قال: فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب ... ؟!

فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله؟؟؟

قال: فلم يزل ابن عمر يقول: قال: الراعي فأين الله

فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم رحمه الله

صفة الصفوة (2/ 188)

فهذه القصة احتوت على كثير من الفوائد والعبر منها:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير