تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قد يغلب المظهر أحياناً على المضمون فتخيب فراسة الرائي وتتحطم على أسوار المظهر والهندام والهيئة.وذلك ما حصل مع أبي حنيفة النعمان الأمام الأعظم الذي ملأ الأرض علماً وفتوى. ولكن خابت منه الفراسة لأجل المظهر رغم قوة فراسته ودقة ملاحظته وشدة ذكاءه التي لا تقارن مع أحد من معاصريه. كان العالم الجليل يجلس مع تلامذته في المسجد. وكان يمد رجليه بسبب آلام في الركبة قد أصابته. وقد كان قد استأذن طلابه أن يمد رجليه لأجل ذلك العذر. وبينما هو يعطي الدرس مادّاً قدميه الى الأمام. إذ جاء الى المجلس رجل عليه إمارات الوقار والحشمة. فقد كان يلبس ملابس بيضاء نظيفة ذو لحية كثة عظيمة فجلس بين تلامذة الإمام. فما كان من أبي حنيفة إلا أن عقص رجلية الى الخلف ثم طواهما وتربع تربع الأديب الجليل أمام ذلك الشيخ الوقور وقد كان يعطي درساً عن دخول وقت صلاة الفجر. وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام وكان الشيخ الوقور أو ضيف الحلقة يراقبهم وينظر إليهم من طرف خفي. فقال لأبي حنيفة دون سابق استئذان: يا أبا حنيفة إني سائلك فأجبني. فشعر أبو حنيفة أنه أمام مسؤول رباني ذو علم واسع واطلاع عظيم فقال له: تفضل واسأل

فقال الرجل: أجبني أن كنت عالما يُتَّكل عليه في الفتوى، متى يفطر الصائم؟. ظن أبا حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو نكتة عميقة لا يدركها علم أبي حنيفة. فأجابه على حذر: يفطر إذا غربت الشمس.

فقال الرجل بعد إجابة أبي حنيفة ووجهه ينطق بالجدِّ والحزم والعجلة وكأنه وجد على أبي حنيفة حجة بالغة وممسكاً محرجاً:

وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم يا أبا حنيفة فمتى يُفطر الصائم؟!!!

وبعد أن تكشّف الأمر وظهر ما في الصدور وبان ما وراء اللباس الوقور قال أبو حنيفة قولته المشهورة التي ذهبت مثلاً وقدكُتِبَتْ في طيات مجلدات السِّيَر بماء الذهب: آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه.

ترى كم من صواحب لأبي حنيفة في هذا الزمان؟ وكم من مظهر يخون المرء؟ وكم من رجل حسن اللباس لائق الهندام إذا دخلت معه في محاكّة صغيرة فإذا به يظهر على (فاشوش)

أحيانا يدخل الإنسان مع غيره في نقاش علْمي معتقدا أن خصمه يمتلك أرضاًخِصبة و صالحةً، ثم يكتشف أن خصمه مع الأسف كصاحب أبي حنيفة بسيطٌ سطحيغليظٌ همجي حجتهُ الشتم وبرهانه السخرية ومداده ماء البرك الآسن. يعتقد منخلال رموزه البسيطة وتراكيبه الركيكة وكلماته السقيمة أنه أوتي جوامعالكَلِمْ وحوى من العلم والأدب ما يحويه طالع الجبل بناظريه ولكنه للأسف يظهر أخيراً على حقيقته وإذا به ظلمة في بحر لجي يحيطه الغمام والموج وانعدام الرؤيا والتخبط فلا تجده شيئاً.

حياكم الله يا أستاذ تيسير وشكر لك على ما تفضلت.

والواقع أننا أمام الجاهل واحد من اثنين:

ـ إما أن نسخر منه لذات السخرية، والسخرية لذاتها محرمة بنصوص الشريعة الغراء.

وإما أن ننصح له والنصح له كلفته، وقد تكون كلفة باهظة.

وفي النهاية كم من مادٍ قدمه غرضه إعطاء درس لمن يعيه.

مع تحياتى.

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[03 Aug 2010, 10:00 م]ـ

يا أخانا الفاضل تيسير هداك الله

الإمام أبو حنيفة رحمه الله لم يكن على علم بحال الكرة الأرضية مع الشمس

ولو كان عالما بذلك لما مد رجليه

فالرجل السائل ربما كان "قطبيا" أعني من أهل القطب الذي لا تغيب عنه الشمس في بعض الفصول أو ربما كان من أهل " الهيئة" عالما بخطوط الطول والعرض فكان سؤاله بناء على علمه أو اختصاصه فسؤاله وجيه وفي محله.

****

تريد يا أخوي تيسير تمد رجليك مدهن وخوذ راحتك أنا ما حا شوفهن خيو

لفتة ذكية من أبي سعد وقد فات الإمام الأكبر ذلك. رغم أن فتاواه رحمه الله كانت تحوي عمقاً وتواؤماً يصلح بعضها لأهل هذا العصر.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير