تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

-حقوق الارتفاق: وهي الحقوق المرتبطة بالشيء المملوك، الذي لا يمكن الانتفاع به بدونها، أو تكون المنفعة ناقصة، ومن ثم فهو حق مرتبط وجوده بوجود الشيء المملوك، لا يزول إلا بزواله، ومن ثم فهو يورث لأنه حق من الحقوق المالية، ومن هذه الحقوق حق الشرب، والسقي، والمسيل، والمجرى والمرور، والتعلي أي ملكية الطبقات، أو ما يسمى اليوم بالملكية المشتركة.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[20 Nov 2006, 10:00 م]ـ

حق الله

الحقوق المتعلقة بالتركة:

حق الله:

وهو يتمثل في ديون الله المتعلقة بذمة الميت، وقد سبق أن بينا أن المقصود بحق الله حق المجتمع، وهي تتمثل في:

1 ـ الزكاة.

2 ـ الكفارات.

3 ـ الحج الواجب.

4 - النذر.

حصل خلاف بين العلماء في وجوب الوفاء بديون الله المتعلقة بذمة الهالك، فالشافعي

(ت 204 هـ) ـ رحمه الله ـ يرى أن الهالك إذا فرط في أداء الزكاة والحج، وجب إخراجهما من التركة مهما كانت، وتقدم على الدين والوصية، والميراث، سواء تعلق الأمر بعين أو ماشية أو زرع.

وحجة الشافعي (ت 204 هـ) أن الزكاة والحج الواجب دين فيجب إخراجهما بناء على الآية الكريمة:

) من بعد وصية يوصي بها أو دين (

فهما دين تعلق بذمة المتوفى، يتعين الوفاء به، مثله مثل حقوق العباد، خاصة الزكاة التي مصرفها للعباد.

وذهب مالك (ت 179 هـ) إلى أن الهالك إذا فرط في إخراج الزكاة أكثر من سنة، فإنها لا تخرج عنه إلا أن يوصي بها، فتكون من ثلث التركة مثلها مثل الوصية، وقد علل ابن العربي (ت 543 هـ) موقف مالك (ت 179 هـ) ـ رحمه الله ـ بأن إخراج الزكاة التي فرط المتوفى في إخراجها قد يأتي على التركة كلها، وذلك إضرار بالورثة نهى الشرع عنه، فضلا على أن المكلف إذا علم أن ورثته سيؤدون عنه الزكاة التي فرط في أدائها، سيدفعه إلى التفريط في القيام بهذه العبادة المالية في وقتها، وتأجيلها إلى ما بعد موته. يقول ابن العربي (ت 543 هـ): " ومتعلق مالك أن ذلك موجب إسقاط الزكاة أو ترك الورثة فقراء، لأنه يتعمد ترك الكل، حتى إذا مات استغرق ذلك جميع ماله، فلا يبقى للورثة حق، فكان هذا قصد ا باطلا في الشريعة نقض عليه قصده، تحقق ذلك منه أ, اتهم به إذا ظهرت علاماته، كما قضينا بحرمان الميراث للقاتل".

ويقول أبو حنيفة (ت 150 هـ) ـ رحمه الله ـ بسقوط وجوب الزكاة بوفاة المكلف، إلا أن يوصي فتعتبر وصية في حدود الثلث. وهوما قرره الجصاص (ت 370 هـ) عند تفسيره لقوله تعالى:

? من بعد وصية يوصي بها أو دين ?

" يدل على أن من ليس عليه دين لآدمي، ولم يوص بشيء أن جميع ميراثه لورثته، وأنه إن كان عليه حج أو زكاة لم يجب إخراجه إلا أن يوصي به، وكذلك الكفارات والنذور، فإن قيل إن الحج دين،وكذلك كل ما يلزمه الله تعالى من القرب في المال، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للخثعمية حين سألته عن الحج عن أبيها: ? أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان يجزئ؟ ?، قالت: نعم. قال: ? فدين الله أحق بالقضاء ?. قيل إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما سماه دين الله، ولم يسمه بهذا الاسم إلا مقيدا فلا يتناول الإطلاق. وقوله تعالى:

? من بعد وصية يوصي بها أو دين ?

إنما اقتضى التبدئة بما يسمى به دينا على الإطلاق، فلا ينطوي تحته ما لا يسمى به إلا مقيدا، لأن في اللغة والشرع أسماء مطلقة، وأسماء مقيدة، فلا يتناول المطلق إلا ما يقع عليه الاسم على الإطلاق، فإذا لم تتناول الآية ما كان من حق الله تعالى من الديون لما وصفنا اقتضى قوله تعالى:

? من بعد وصية يوصي بها أو دين ?

إنه لم يوص ولم يكن عليه دين لآدمي أن يستحق الوارث جميع تركته، وحديث سعد يدل على ذلك أيضا، لأنه قال: أتصدق بمالي، وفي لفظ آخر: أوصي بمالي.فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ? الثلث، والثلث كثير ?، ولم يستثن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحج، ولا الزكاة، ونحوه من حقوق الله تعالى، ومنع الصدقة والوصية إلا بثلث المال، فثبت بذلك أنه إذا أوصى بهذه الحقوق كانت مكن الثلث … ".

ومن الفقهاء من يقدم الزكاة على سائر الحقوق والديون، وذلك لأن الزكاة عبادة مالية أناط بها المشرع تحقيق مقصد اقتصادي وهو عدالة توزيع الثروةبين أفراد المجتمع، ومقصد اجتماعي وهو الحد من الفوارق الطبقية، وما يترتب عنها من تهديد للسلم الاجتماعي.

وذهب ابن أبي زيد القيرواني (ت 387 هـ) أن الزكاة لا تجب في التركة إلا بعد حولان الحول، وفي ذلك مراعاة لمصلحة الورثة، وحرصا على أن يؤدي الميراث الوظائف الاقتصادية والاجتماعية التي أناطها به المشرع، والمتمثلة في توزيع الثروة بين أفراد المجتمع،وتوسيع قاعدة الملاك،مما يمكن من المنافسة الشريفة،ويؤدي إلى الزيادة في الاستهلاك، الذي يشجع على الزيادة في الإنتاج المرتبط بالزيادة في الاستثمار، مما يحقق الرفاه الاقتصادي، كما أنه يعمل على تحقيق التكافل الاجتماعي، وإقرار مبدأ العدالة الاجتماعية والحقوقية المتمثلة في القاعدة الذهبية " الغنم بالغرم " والتي تترجم حقوقيا إلى تحقيق التوازن بين الحقوق والالتزامات.

وإخراج الزكاة عن المتوفى فيه إخلال بهذه القاعدة، إذ إن الزكاة قد تأتي على كل التركة، وهو غرم في مقابل غرم آخر، يتمثل في إلزام الورثة بالنفقة على قريبهم في حالة العجز. كما أن هذا الأمر قد يعمل على الإخلال بقاعدة التكافل الأسري الذي عمل النظام الإسلامي على إقراره، وصيانته عن طريق كثير من التشريعات منها الميراث.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير