تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - الحاجة: عمل المشرع في تقسيم التركة على ملاحظة الحاجة، فكلما اشتدت الحاجة كان العطاء أكثر، لذلك كان نصيب الأولاد أكثر من نصيب الوالدين، لأن حاجة الأولاد إلى الأموال أشد، لأنهم في الغالب ذرية ضعاف يستقبلون الحياة بتكاليفها المالية، بينما الأبوان يستدبران الحياة، ولهم في الغالب فضل مال، فتكون حاجتهما إلى المال أقل. كما أن نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى لأنه هو المطالب بنفقة الأولاد و الزوجة، والمسؤول عن أمه و أخواته، وبنات عمه إن لم يكن لهن عائل. فالمسألة ليست لها علاقة بتفضيل الرجل على المرأة، كما تذهب إلى ذلك بعض الكتابات، وإنما هي مرتبطة بتصور اقتصادي، وبناء اجتماعي، يقوم على أساس الآية الكريمة:

(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)

سورة البقرة، الآية 228.

أي لهن من الحقوق بقدر ما عليهن من الواجبات، بل إن الواجب لا تكلف فيه إلا بقدر ما تستطيع وذلك هو مقتضى قوله تعالى:

(بالمعروف)

ومعنى ذلك أن كفة الحق ترجح كفة الواجب في حق المرأة. وهذا ما ذهبت إليه السنة النبوية الشريفة، وكرسته معاملة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهله. ومقتضى قوله تعالى:

(وللرجال عليهن درجة)

ليس تفضيل الذكر على الأنثى، لأن السياق القرآني هو الحديث عن الحق والواجب، وليس تفضيل جنس على آخر، ومن ثم فإننا نرى أن المسألة ينبغي أن تجد تأويلها في إطار السياق القرآني، بحيث نفهم من قوله تعالى:

(وللرجال عليهن درجة)

زيادة التكليف، فالرجل مكلف بتكاليف إضافية لم تكلف بها المرأة، كالجهاد، والإنفاق - وهو موضوعنا هنا - حيث يجب على الرجل الإنفاق في جميع الحالات سواء كان ابنا، أم أبا، أم أخا، أم زوجا، أم حفيدا، أم ابن عمومة. في حين لا يجب على المرأة الإنفاق في جميع الحالات ولو كانت غنية. ومن ثم فإن نظرة المشرع لا صلة لها بتفضيل الرجل على المرأة، بقدر ما هي متصلة بتوزيع الأدوار الاجتماعية والاقتصادية بين مكونات المجتمع الإنساني،والتي لا يمكن للحياة أن تستقيم بدونها، كما أن أي خلل يصيبها تكون له آثار سلبية على النفس والمجتمع.

ولابد من الإشارة إلى أن نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى ليس قاعدة مطردة حيث نجد في بعض الحالات نصيبهما يكون متساويا، فنصيب الأبوين متساو مصداقا لقوله تعالى:

(ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك)

ونلاحظ هنا أن الله سبحانه قد ساوى بين الأب والأم رغم أن قاعدة الموازنة بين الحقوق و الواجبات لازالت قائمة، فنفقة المرأة لازالت متعلقة بذمة زوجها،والمشرع راعى هنا تقديم حق الأم على حق الأب، كما بين الحديث النبوي الشريف ذلك.

وكذلك الشأن بالنسبة لميراث الكلالة، حيث يتساوى نصيب الذكر والأنثى بالنسبة لأخوته من الأم، يقول تعالى:

(وإن كان رجل يورث كلالة، أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث)

سورة النساء، الآية 12.

ويستفاد مما سبق أن الحاجة في الاقتصاد الإسلامي أداة لتوزيع الثروة في المجتمع شأنها شأن العمل الذي يعتبر أساس الملكية. ومن هنا تتضح عدالة الإسلام، فالكل يعمل قدر طاقته، ويأخذ قدر كفايته، أي ما يؤمن له حياة كريمة.

3 - التوزيع دون التجميع: عندما نتأمل في أسباب استحقاق الميراث نجد قاعدة الورثة قاعدة عريضة، وهي تتمثل في:

1 - البنوة.

2 - الأبوة.

3 - الأمومة.

4 - الزوجية.

5 - الأخوة.

بل إن المشرع يرشد إلى توسيعها أكثر من ذلك لتشمل كل رحم المتوفى:

(وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) سورة النساء، الآية 8.

كما حرص المشرع على تحديد نصيب الورثة:

(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ? سورة النساء، الآيات 11/ 14.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير