تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يبين الحق سبحانه في هذه الآيات الكريما ت نصيب كل وارث من العصبات كالأبناء والآباء، وأصحاب الفروض، كالزوجين، والإخوة للأم، والبنت، والأب حين يرث بالفرض فقط، فقد تكفل سبحانه ببيان الورثة وأنصبتهم، وذلك تحقيقا لهدف المشرع في تفتيت الملكيات الكبرى، وتوسيع قاعدة الملاك ن وخلق مجتمع تعادلي، ينعم أهله بالسلم في النفس، والأهل، والمجتمع، يقول السهيلي (ت 581 هـ) تقريرا لهذه الحقيقة: " فلو وكلهم الله إلى آرائهم، وتركهم مع أهوائهم، لمالت بهم الأهواء عند الموت، مع بعض البنين دون بعض، فأدى ذلك إلى التشاجر، والتباغض، أو الجور، وقلة النصفة ".

كل ذلك يجعلنا نخلص لما يلي:

أ ـ نادرا ما ينفرد شخص واحد بالتركة.

ب ـ غالبا ما يشارك أفراد أسرة المتوفى أولاده بنحو النصف أو أقل.

إن المشرع قد جعل من الميراث عنصرا أساسا من عناصر تحقيق المنهج الإسلامي في توزيع المال، حيث يمنع تكدس الثروات، وذلك بتوزيعها على نطاق واسع، والعمل على تفتيتها على رأس كل جيل، مما يعمل على توسيع قاعدة المالكين، وتحقيق شروط المنافسة العادلة بين أفراد المجتمع. كما يشجع على الاستهلاك، والاستثمار، والإنتاج، وهي عناصر اقتصادية ذات أهمية بالغة، راعاها المشرع عند توزيع التركة، تحقيقا للرفاه الاقتصادي.

5 - 4 - الغنم بالغرم: وهذه القاعدة الذهبية تبنى عليها كثير من الأحكام الشرعية، ومنها أحكام المواريث، ومقتضى هذه القاعدة أن الإنسان بقدر ما يستفيد بقدر ما يلحقه من الضرر، وتأول هذه القاعدة من حيث النظرة القانونية والحقوقية، أن الإنسان بقدر ما عليه من الواجبات بقدر ما له من الحقوق، ومن ثم فإن هذه القاعدة تقرر العدل في المعاملات. وقد طبقت هذه القاعدة تطبيقا محكما في المواريث، فمن تجب عليه النفقة في حالة العجز عن الكسب يجب له الميراث بالترتيب الذي تقتضيه آصرة القرابة، ولذلك تورث القرابة الأقرب فالأقرب بناء على قاعدة الغنم بالغرم، تحقيقا للعدل، واحتراما للفطرة، وحفاظا على تماسك العائلة، وضمانا للتكافل والسلم الاجتماعي.

ويتضح لنا من خلال معايير توزيع التركة أن نظام الميراث في الإسلام يتصف بالعدالة والحكمة،حيث نجد المشرع الحكيم قد أنزل الورثة منازل حسب قرابتهم من الراحل، وحسب وضعيتهم الاجتماعية، ومقدار ما عليهم من الالتزامات.

كما أن نظام الميراث في الإسلام يعتبر عاملا مهما من عوامل حل المشكلة الاقتصادية، التي يحاول بعض الاقتصاديين ردها إلى قلة الموارد، في الوقت الذي يؤكد فيه الواقع، والدراسات العلمية الموضوعية، أنه نتاج ظلم الإنسان لأخيه الإنسان في مسألة توزيع الثروة، وعدم استغلال جميع المصادر، وسوء التدبير والتصرف بالإسراف والتدمير. حيث يعمل نظام الميراث في الإسلام على إعادة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع،توزيعا عادلا، مما يعمل على توسيع قاعدة الملاك، التي يترتب عنها الزيادة في الاستهلاك بتوفر القدرة الشرائية لدى قطاعات عريضة من المجتمع، ويتبعه الزيادة في الاستثمار والإنتاج، مع توفير ظروف المنافسة العادلة، التي تمكن من الابتكار والإبداع، والتميز.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[25 Nov 2006, 11:33 ص]ـ

الميراث في الإسلام نتيجة طبيعية لحق الملكية المقرر شرعا، فالإسلام يستجيب بذلك لفطرة من أقوى الفطر في الإنسان ألا وهي حب المال وحب الأبناء:

(المال والبنون زينة الحياة الدنيا)

سورة الكهف، الآية 46.

(زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة)

سورة آل عمران، الآية 14.

فشعور الفرد أن حصيلة جهده طوال حياته سيعود أثره على أبنائه،و أحفاده، وذوي قرابته، وخاصة على ذريته الذين يعتبرهم امتدادا له في الحياة، يدفعه إلى بذل الجهد أكثر من أجل تحصيل الثروة، وتنمية موارده المادية. وفي ذلك تحقيق لمصلحة المجتمع كما أن الإنسان على المستوى الشخصي يحقق مصلحته، حيث يشعر بمتعة نفسية تحقق سلما في النفس، مما يولد فيه الإيجابية والنزوع إلى الخير والصلاح، فهو يعلم أنه يستفيد بحصيلة جهده وعنائه في حياته، وبعد مماته ينتقل لمن يحبهم ويعتبرهم امتدادا له في الحياة، من أبناء وأقارب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير