تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[25 Nov 2006, 03:55 م]ـ

نظام المواريث من الوسائل التي نظمت بها الشريعة الإسلامية تداول المال في المجتمع في المجتمع الإسلامي. والملاحظ أن فلسفة المشرع في هذا المجال تقوم على الأسس التالية:

1 – حرص المشرع على التداول السلمي للمال في المجتمع، ومن ثم منع القاتل عمدا من الميراث،لأن القتل قطع للولاية، ولا ولاية لقاتل، ومن ثم فلا ميراث له، يقول الإمام الشافعي (ت 204 هـ) في تفسير الآية الكريمة:

(ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل)

" فكان معلوما عند أهل العلم ممن خوطب بهذه الآية أن ولي المقتول من جعل الله تعالى له ميراثا منه " حتى تنتقل الملكية بشكل طبيعي، وسلمي، وردعا لمستعجلي الميراث، فلا يقدموا على هذه الجريمة الشنعاء، بغية التعجيل بالميراث، لأنهم يعلمون بأن فعلتهم ستعود عليهم بعكس ما يؤملون، حيث يعاقبون بضد مقصدهم فإذا كان القاتل يستعجل بقتل مورثه تملك التركة، فإن المشرع يمنعه من الميراث، سواء من التركة أم من الدية وذلك بناء على القاعدة الشرعية " من استعجل الشئ قبل أوانه عوقب بحرمانه ". وفي هذا الإجراء حماية لحقين من حقوق الإنسان:

أ – الحق في الحياة.

ب – الحق في التملك.

ومن ثم فإن حرمان القاتل من الميراث هو من باب سد الذرائع، أي إنه إجراء وقائي أقره المشرع صيانة للحياة، وحماية للملكية الخاصة، وتأمينا للتداول السلمي للمال في المجتمع، مع المحافظة على السلم داخل الأسرة والمجتمع، وبناء مجتمع قوي وآمن.

وأما القاتل خطأ فإنه يرث من المال، ولا يرث من الدية.وذلك لأن القتل الخطأ لا يقطع الموالاة، ولكنه يؤثر فيها، بعدم حرص القاتل خطأ على سلامة مورثه، وعدم اتخاذه كافة الإجراءات التي تؤمن سلامته، ومن ثم فهو يحرم من الإرث من الدية نتيجة تفريطه وإهماله، ولأن الدية وجبت بالقتل.

والرأي الراجح في المذهب الشافعي هو حرمان القاتل من الإرث في كل حال، سواء كان القتل عمدا، أم شبه عمد، أم خطأ. وسواء كان مباشرة أم تسببا. وسواء كان القتل بحق أم بغير حق.ويفهم هذا الاجتهاد الفقهي في إطار الأخذ بالاحتياط، حيث يمنع القاتل من الميراث صونا للدماء.

2 - المحافظة على نظافة المال، وطهر المجتمع، لذلك منع المشرع التوارث بين المسلم والكافر، لأن الكافر غيرملتزم بأحكام الشرع في إنتاج الثروة، واستثمارها، وتدبيرها، وبناء على قاعدة المعاملة بالمثل منع الكافر من إرث المسلم حتى لا يتقوى أهل الكفر بأموال المسلمين.

وأما من حصل الثروة بطرق غير شرعية كالنصب، والاحتيال، والسرقة، والغصب، والرشوة، والاعتداء على المال العام. بل يتعين على الورثة رد الحقوق إلى أصحابها إن عرفوا، وإن لم يعرفوا وقف هذا المال على أعمال البر والإحسان.

3 – آصرة العقيدة: يقوم التوارث على قاعدة الولاء العقدي يقول تعالى في سورة التوبة:

(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)

سورة التوبة، الآية 71.

ويقول سبحانه في سورة الأنفال:

(والذين كفروا بعضهم أولياء بعض)

سورة الأنفال، الآية 73.

يقول الإمام القرطبي (ت 671 هـ) في تفسيره لهذه الآية الكريمة: " قطع الله الولاية بين الكفار والمؤمنين، فجعل المؤمنين بعضهم أولياء بعض، والكفار بعضهم أولياء بعض يتناصرون بدينهم، ويتعاملون باعتقادهم ". و يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ:

(لا يتوارث أهل ملتين بشئ، لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)

" ليس بحديث واحد، بل هو حديثان، الأول (لا يتوارث أهل ملتين بشيء) السنن الكبرى: أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ)، تحقيق محمد عبد القادر عطا، كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم، ج 6، ص 218، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1994م، 1414 هـ ".

وقال عمر (ت 23 هـ) ـ رضي الله عنه ـ: (أهل الشرك لا نرثهم ولا يرثوننا). يقول الإمام الشوكاني (ت 1255 هـ): " والحاصل أن أحاديث الباب قاضية بأن لا يرث المسلم من الكافر من غير فرق بين أن يكون حربيا، أو ذميا، أو مرتدا، فلا يقبل التخصيص إلا بدليل ". و في ذلك تأكيد على أن آصرة العقيدة أقوى من آصرة الدم والقرابة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير