4 – الحرية، فلا توارث بين الرقيق، لأن الرق سلب أهلية الملك، فالملكية تكليف بالاستثمار، والتدبير، والإنفاق.والرقيق لا يملك حرية التصرف، ومن ثم فإنه لايمكن أن يكون مكلفا بأعباء الملكية، لأن الملكية مسؤولية، وفاقد الحرية غير
مسؤول.
ومما يؤكد حرص الإسلام على نظافة المال، أن فقهاء الحنفية يفرقون في ميراث المرتد بين المال الذي حصله المال الذي حصله قبل ردته، وبين المال الذي اكتسبه بعد الردة، فالأول للورثة أن يرثوه عنه في حالة موته أو قتله، أما الثاني فإنه لا يجري فيه الميراث، ذلك أن المال الذي حصله وقت إسلامه، المفروض أنه التزم فيه أحكام الشرع في تحصيله وتنميته وأداء الحقوق المتعلقة به، ومن ثم فإنه مال طيب يجري فيه الميراث.
أما المال المكتسب بعد الردة فإن المرتد قد صار غير متقيد بأحكام الشرع، ومن ثم لا يكون بالضرورة قد التزم أحكام الشرع في جمعه وتنميته وأداء حقوقه، فضلا على أن الأعمال لا قيمة لها في نظر المشرع ما لم تكن مبنية على عقيدة التوحيد.
5 - أحكام متعلقة بتداول المال في المجتمع الإسلامي:
5 - 1 - ميراث المرتد: اختلف في ميراث المرتد، فذهب الأحناف إلى أن" المرتد إذا قتل أو مات، أو لحق بدار الحرب فما اكتسبه في حال إسلامه فهو ميراث لورثته المسلمين، ترث زوجته من ذلك إذا كانت مسلمة ومات المرتد وهي في العدة … وإن كانت قد ارتدت معه لم يكن لها منه ميراث، كما لا يرثه أقاربه من المرتدين، لما بينا أن المرتد ليس من أهل الولاية، فلا يرث أحدا، ولأنه جان بالردة، وهذه صلة شرعية، فالجاني على حق الشرع يحرم هذه الصلة، عقوبة عليه، كالقاتل بغير حق".
ويرى المالكية أن المرتد " إذا لحق بدار الحرب يوقف ماله أبدا حتى يعرف أنه مات، فإن رجع إلى الإسلام كان أولى بماله، وإن مات على ارتداده كان ماله ذلك لجميع المسلمين، ولا يكون لورثته ". ويرى ابن قدامة (ت 620هـ) أن المرتد لا يرث أحدا، إلا أن يرجع قبل قسمة الميراث.
وأما المرتدة فإن ورثتها يرثونها مطلقا " لأنها لا تقتل بسبب ردتها، بل تستتاب وتعزر حتى تعود إلى الإسلام أو تموت، فردتها لا تعتبر موتا، والإسلام في حقها معتبر، بخلاف المرتد فإنه يقتل بعد أن يستتاب ثلاثة أيام ولم يثب، فردته تعتبر في حقه موتا. ولا يمكن اعتبار الإسلام في حقه حينئذ، فلا يكون أهلا للملك، فلا يثبت حق الورثة فيما اكتسبه في حال الردة، فيصبح ككل الأموال التي لا مالك لها حق لبيت المال ".
5 – 2 – مواريث غير المسلمين: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن غير المسلمين يرث بعضهم بعضا وإن اختلفت عقيدتهم، إلا أن المالكية يرون أن التوارث متوقف على وحدة الاعتقاد، ومن ثم لايرث اليهودي النصراني، ولا عكسه، ويعزز رأيهم قوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: (لا يتوارث أهل ملتين) فهذا الحديث " دليل على أنه لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين بالكفر ".
5 – 3 – مواريث أهل الذمة: تقسم مواريث أهل الذمة على أحكام دينهم، إلا أن يتحاكموا إلى المسلمين، ومن ثم فقد يتوارثون في بعض حالات الزواج، والقرابة التي لا يتوارث بها المسلمون.
5 – 4 – اختلاف الجنسية، أو الإقامة: إن اختلاف الجنسية أو الإقامة ليس من موانع الإرث، ومن ثم فلو كان الهالك مسلما مقيما بديار الهجرة، أو متجنسا بجنسية مخالفة لجنسية ورثته أو العكس، فإن ذلك لا يمنع التوارث بينهم، إذ العبرة بآصرة الدين، والقرابة.
5 –4 – زمن القسمة: من أقضيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن كل ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية، وما أدرك الإسلام من ميراث فهو على قسمة الإسلام، ومن ثم فإن من ورث من آبائه أو أقاربه ميراثا قبل أن يسلم، فإنه يقر على ذلك بعد إسلامه. أما إذا أسلم فإن التوارث يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية. وذلك بناء على قاعدة " الإسلام يجب ما قبله ".
5 – 5 – ميراث المنافق: إن النافق الذي يظهر الإيمان، ويبطن الكفر تجري عليه أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام، وكذلك الشأن بالنسبة للمتأول من أهل البدع فلا يجوز تكفيره، بل هو من أهل القبلة، له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، حتى يظهر الكفر، أو ينكر معلوما من الدين بالضرورة، ومن ثم فإنهم يرثون ويورثون.
¥