ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[26 Nov 2006, 02:25 م]ـ
نظام المواريث في الشريعة الإسلامية شرعه الله تعالى للناس، وهو يشمل جميع أنواع المال التي يملكها المورث، وهو يهدف إلى تفتيت الملكية حتى لا تتجمع الثروة في أيدي فئة قليلة من الناس، أو تتحول إلى إقطاع رهيب كما كان يحدث في كثير من بقاع الأرض التي تقضي نظمها بانحصار الإرث في الابن الأكبر، كما كان في القانون الإنجليزي، حرصا على عدم تفتيت الملكية، واستمرار النفوذ الإقطاعي الطاغي بقوة المال.
تقسم تركة الهالك في نظام الفرائض (المواريث) الإسلامي على عدد كبير من أقاربه، مما يجعل دائرة الانتفاع بها تتسع لتشمل أكبر عدد من ممكن من المستفيدين، ومعنى ذلك توسيع قاعدة المالكين، ولا يخفى ما لذلك من أهمية على اقتصاديات الأمة، إذ إنها تعمل على توفير إمكانيات الإقبال على الاستهلاك، الذي يترتب عنه الزيادة في الإنتاج، وبالتالي الزيادة في الاستثمار، فضلا عما تحققه من القدرة على التنافس، مما يفجر الطاقات، ويبرز المواهب، ويتيح الفرصة للإبداع.
وفضلا عما سبق فإن نظام الميراث في الإسلام، يحول دون وجود تمايز طبقي صارخ، فهو يورث الأبناء، والبنات، والأمهات، والأجداد، والجدات، والأزواج، والزوجات، والاخوة، وأولاد الأبناء. وهو يعمل بذلك على تفتيت الملكيات الكبيرة التي يتفق جمعها في أيدي بعض الناس، بتوزيعها على أكبر عدد ممكن من الناس، مما يجعلها تتحول إلى ملكيات متوسطة، وصغيرة. عملا بقاعدة (التوزيع دون التجميع) وذلك للمحافظة على التوازن الاقتصادي في المجتمع.
وبذلك يكون نظام الميراث في الإسلام من ضوابط نظام الملكية في الشريعة الإسلامية، مثله مثل الزكاة، والصدقات، والكفارات، ومنع الترف، والإنفاق في سبيل الله، وتحريم الكنز، وتشجيع الاستثمار.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[26 Nov 2006, 10:02 م]ـ
من ضمن التشريعات التي شرعها الله تعالى لحض الإنسان على الادخار نظام المواريث، الذي يحمل الإنسان على التمتع بحصيلة عمله دون تقتير أو تبذير:
(ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا)
سورة الإسراء، الآية 29.
فالحق سبحانه يأمر عباده " بالاقتصاد في العيش، ذاما البخل، ناهيا عن الإسراف". ومن ثم فإن الإنسان يدخر ما يفضل عن حاجاته ليورثه لأبنائه وأقاربه، الذين يعتبرهم امتدادا طبيعيا له في الوجود.
ومعلوم أن الادخار هو مفتاح الاستثمار، فما يستثمره الإنسان في مشاريع إنتاجية يعتبر حصيلة ما يدخره، وكلما كانت المدخرات كبيرة،كانت الاستثمارات متعددة وكبيرة ومهمة، مما ينعكس بشكل إيجابي على الحياة العامة، بما يحقق من رفاه اجتماعي، حيث تخلق فرص جديدة للعمل، وزيادة القدرة الشرائية، والإقبال على الاستهلاك، والزيادة في الأنتاج، وتشجيع الاستثمار، مما ينشط الدورة الاقتصادية.
وتتجلى حكمة المشرع في الميراث حيث استجاب لدواعي الفطرة، بتوريث المال الذي يحبه الإنسان، لمن يحبهم من ذرية وأقارب.وبذلك يكون الادخار من دوافعه رغبة المورث في تأمين حياة أبنائه وأقاربه، يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)
" صحيح البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ)، كتاب الوصايا، باب أن يترك ورثته أغنياء، ج 3، ص 186، دار الفكر، بيروت، بدون تاريخ.
- السنن الكبرى: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ)، تحقيق عبد الغفار سليمان البندري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1991 م / 1411 هـ ".
وحتى لا يتحول الادخار إلى اكتناز فإن المشرع حرم الاكتناز، أي منع المال من التداول في المجتمع، والمشاركة في الدورة الاقتصادية، مصداقا لقوله تعالى:
(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ماكنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)
سورة التوبة، الآية 34/ 35
¥