تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والميراث نفسه يمنع الاكتناز بإعادة توزيعه المال الذي يجتمع في أيدي فئات قليلة من أبناء الجيل السابق، على فئات عريضة من أبناء الجيل اللاحق، بتوريث الأبناء جميعا، ذكورا وإناثا، كبارا وصغارا،والأزواج، والأقارب.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[27 Nov 2006, 05:43 م]ـ

الاستثمار " استغلال المال بقصد الحصول على ثمرة منه، أي على عائد يفيد منه صاحب المال، وهو يتضمن استغلال المال في نشاط إنتاجي، بقصد زيادة هذا النشاط ". أي توظيف المال في مشاريع إنتاجية صناعية، أوفلاحية، أو تجارية، أو خدماتية، بقصد تأمين الضروريات،وبناء اقتصاد قوي،ومن ثم فإنه من هذه الناحية يعتبر من فروض الكفاية، وذلك بناء على قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) فالمشكلة الاقتصادية في التصور الإسلامي ليست نتيجة شح الطبيعة، ونذرة الموارد الطبيعية بقدر ما هي نتاج " ظلم الإنسان في توزيع الثروة، وكفرانه للنعمة بعدم أستغلال جميع المصادر التي تفضل الله بها عليه استغلال تاما، هما السببان المزدوجان للمشكلة التي يعيشها الإنسان البائس منذ أبعد عصور التاريخ، وبمجرد تفسير المشكلة على أساس إنساني يصبح بالإمكان التغلب عليها، والقضاء على الظلم وكفران النعمة، بإيجاد علاقات توزيع عادلة، وتعبئة كل القوى المادية لايتثمار الطبيعة، واستكشاف كل كنوزها".

ومن ثم فإن رؤية الإسلام لتنمية الثروة وتنميتها رؤية إنسانية، فالإنسان يتعين عليه السعي الدؤوب لإنتاج الثروة وتنميتها، لارتباط ذلك بمفهوم الاستخلاف، فما الخلافة إلا عمارة الأرض، واستخراج ثمراتها، والسعي فيها إصلاحا لا إفسادا، فما الثروة وتنميتها إلا "وسيلة يؤدي بها الإنسان المسلم دور الخلافة، ويستخدمها في سبيل تنمية جميع الطاقات البشرية، والتسامي بإنسانية الإنسان في مجالاتها المعنوية، والمادية، فتنمية الثروة، والإنتاج لتحقيق الهدف الأساسي من خلافة الإنسان في الأرض هي نعم العون على الآخرة، ولا خير فيمن لا يسعى إليها،وليس من المسلمين - بوصفهم حملة رسالة في الحياة - من تركها وأهملها ".

وليحفز الإسلام الإنسان على إنتاج الثروة عن طريق الاستثمارفإنه شرع تشريعات متعددة منها الميراث، الذي يحث الإنسان على إدامة التفكير في سبل الاستثمار، وتنمية ثروته تأمينا لحياة ذريته وأقاربه بعد وفاته، مما يدفعه إلى فتح آفاق جديدة لإنتاج الثروة وتنميتها، مع ما يرتبط بذلك من توفير سوق العمل التي تستوعب اليد العاملة، وتحد من البطالة، وتؤمن ضروريات المجتمع، مما يحقق للأمة أمنها الاقتصادي، ولا يخفى ما لذلك من انعكاسات إيجابية على سوق الاستهلاك، مما يشجع على المزيد من الاستثمار.

وقد حرص المشرع في الميراث على تقديم الأبناء، لأنهم آثر عند المورث من غيرهم، مما يحفزه أكثر على استثمار أمواله بغية تنميتها، تأمينا لحياة خلفه.

كما عملت الشريعة الإسلامية على حث ولي اليتيم على استثمار أمواله، وتوظيفها في مختلف الأنشطة الاقتصادية، يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ:

(من ولي يتيما له مال فليتجرله فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)

" سنن الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت 297 هـ)، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، كتاب الزكاة، باب ماجاء في في زكاة مال اليتيم، ج 3، ص 23، الطبعة 3، مكتبة الحلبي، القاهرة، 1396 هـ / 1976 م ".

والإسلام بتشريعه الميراث عمل على عدم تجمع الأموال في أيدي فئة قليلة من الناس، وذلك منعا للتضخم النقدي، وآثاره السلبية على المجتمع، المتمثلة في الغلاء، والاكتناز عن طريق تكديس الأموال في البنوك، سعيا وراء الربح السهل والامتناع عن الاستثمار الذي قد يرى فيه بعض الملاك مغامرة محفوفة بالمخاطر، ومن ثم فإن الميراث يعمل على إعادة توزيع الثروة داخل المجتمع موفرا بذلك ظروفا جديدة، وإمكانيات متعددة للاستثمار، وذلك عن طريق تمكين قطاع كبير من الأمة من فرص الاستثمار، بما يتملكه من أموال عن طريق الميراث.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير