تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأشرْتُ عندَ حديثي عن المذكّرِ والمؤنَّثِ إلى ما صنعَه د. رمضان عبدالتواب في عملِ الشيخِ، بل إنّ الاختصاراتِ كانَ التوقُّعُ يشيرُ إلى أنّها من فعلِه – عفا الله عنه -، وجاء د. رمضان أستاذاً زائراً لكليةِ اللغةِ العربيةِ، وقابلَ الشيخَ في الكليةِ، وألحَّ الشيخُ عليه بدعوتِه إلى منزلِه، وفعلاً زارَه د. رمضان، وكنْتُ حاضِراً تلك الزيارةَ، وقد احتفَى به الشيخُ أيما حفاوةٍ، وقدّرَه تقديراً رائعاً.

وفي تلك الزيارةِ جرى حديثٌ بينهما عن تحقيقِ د. عبدِالسلامِ هارون لكتابِ سيبويهِ، فذكرَ الشيخُ أنَّ له على العملِ ملحوظاتٍ كثيرةً، فعرَضَ عليه د. رمضان أنْ يعيدَ تحقيقَ الكتابِ، فاعتذرَ الشيخُ بأنَّه لا داعيَ له ما دامَ أنَّ الكتابَ خرجَ محقَّقاً، فطلبَ منه أن ينقدَ تحقيقَ عبدالسلام هارون، فأطرقَ الشيخُ قليلاً ثم قالَ: هارونُ أحسنَ في تحقيقِ كثيرٍ من كتبِ التراثِ، ولم يوفَّقْ في تحقيقِ الكتابِ، فنحن نغفرُ له هذه من أجلِ تلكَ.

أما العلاقةُ التي كانتْ مبنيةً على إعجابٍ متبادلٍ بين الرجلين فهي علاقته بالأستاذ محمود محمد شاكر، وقد قدّم الأستاذ محمود شاكر لكتاب الدراسات، وكتبَ الشيخُ عضيمة مقالة رائعة بعنوان: (الأستاذ محمود محمد شاكر: كيف عرفته) ونشرت ضمن كتاب دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى فهر بمناسبة بلوغه السبعين ص453 - 455.

وفاته:

بقيَ الشيخُ في كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ، جرتْ عادتُه - رحمه الله تعالى – طيلة السنوات الماضية أن يقضي إجازة نصف العام – وهي أسبوعان – الأسبوع الأول في مكة المكرمة، ويسكنُ في أحدِ الفنادقِ القريبةِ من الحرمِ، ثم يسافرُ إلى المدينةِ المنوّرةِ ليقضيَ فيها الأسبوعَ الثاني قريباً من المسجدِ النبويِّ.

وفي عام 1404هـ وقبل بدء الامتحاناتِ قدَّم طلباً إلى عميدِ الكلية آنذاك الشيخ ناصر بن عبدالله الطريم، وقالَ في الطلبِ: إنّه بقيَ في المملكةِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ، لم يسافرْ خلال إجازة نصف العام إلى مصر، ويطلبُ الإذنَ له بالسفر، ومثلُ الشيخِ لا يردُّ طلبه، فوافقت الكليةُ، وتمَّ الأمر، وكانت إجازةُ نصفِ العامِ تبدأُ بنهايةِ دوامِ يومِ الأربعاءِ 8/ 4/1404هـ، إلا أنّ الشيخَ رغبَ في تقديمِ سفرِه لظروفِ الحجزِ والطيران، فسافرَ يومِ الثلاثاء 7/ 4/1404هـ تصحبُه زوجتُه.

وبعد وصولِه القاهرةَ استقبله ابنه المعتز، ووقعَ لهم حادثُ سيارةٍ، ووصفت الباحثةُ التي كتبَت عن الشيخِ رسالتها قائلةً: " وحينَ وصلَ وزوجُه إلى مطارِ القاهرة كان في استقبالهما ابنهما محمد المعتز بالله، وقد جلسَ الشيخُ في المقعد الأمامي في السيارةِ، وبادرت الزوجةُ والابنُ بوضعِ الحقائب فيها حين أقبلَت سيارةٌ كبيرةٌ فاصطدمت بسيارتهم، ولم تلحقْ بهم إصاباتٍ بيدَ أن الشيخ أصيبَ بالإغماءِ، وفقدَ وعيُه، فنقلَ إلى مستشفىً قريبٍ، ولكنه ظلّ مغمىً عليه إلى إن انتقلَ إلى رحمةِ الله بعد نحوِ ثمان وأربعين ساعة في 9/ 4/1404هـ الموافق 12/ 1/1984م رحمه الله رحمة واسعة ".

هذا ما قالته الباحثةُ، وأثبتته في رسالتها، والروايةُ التي سمعتُها وقت الحادثة والتي نقلت إلى الدكتور أحمد كحيل وهو الذي نقل الخبرَ، وسمعتُه أيضاً من عددٍ من الزملاء المصريين ربما يختلفُ بعضَ الشيء، فبعد وصولهما استقلا السيارة الخاصة، وبعد خروجِهم من المطارِ بمسافةٍ ليست بعيدةً حانت التفاتةٌ من السائق، فانحرفت السيارةُ عن الطريق، واصطدمَت بعمودِ كهرباءَ، وأصيبَ الشيخُ الذي كان يجلس في المقعد الأمامي بضربةٍ في الجبهةِ وأعلى الأنفِ، مما سبّبَ دخولَه في غيبوبةٍ طيلة يومي الثلاثاء والأربعاء، وجاءه أولادُه وبناتُه، وهو ما زالَ في غيبوبةٍ، وأفاقَ بعدَ العشاءِ، وسألَ عن ابنتيه هناء وآيات، وطلبَ أن يراهما، وبقيَ مستفيقاً مدةً ليست طويلةً وانتهت الزيارةُ، فلما جاءَ الأبناء صباحَ اليوم التالي وهو يوم الخميس أفادَ المستشفى أنَّ الشيخ توفي في الليل، يعني ليلة الخميس 9/ 4/1404هـ.

رحمه اللهُ رحمةً واسعةً، وغفرَ له، وأسكنه فسيحَ جنته، وألحقه بالصدّيقينَ والشهداءِ وحسنَ أولئك رفيقاً.

بعض أقوال الشيخ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير