ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Nov 2006, 12:02 م]ـ
الشيخ الكبير جمال حفظه الله
لم يتناقض الطبري رحمه الله، ومن مارس القراءة في تفسيره يظهر له أنه في بعض الترجيحات بين الأقوال يريد أن ينبه على وجاهة بعض الأقوال بطريقته المعروفة عنه، وأتمنى أن تتمعن في النظر في ترجيحه الثاني في قوله تعالى (وشهد شاهد من بني إسرائيل) لتنظر كيف ذكر الوجه المعتبر لقول مسروق، ثم تركه لأجل قول الجمهور من مفسري الصحابة والتابعين.
وللطبري رحمه الله تعالى منهج في التعامل مع الأقوال قلَّ أن تجده عند غيره، غير أن صعوبة عباراته في سبكها قد يجعل القارئ لا يفهم مراده من أول الأمر.
كما أن عنايته بسياق القرآن وظاهره لهما أثر بارز في تفسيره، فهو يستخدمهما لأمور:
الأول: بيان صحة قول على قول، فيقدم القول الصحيح على ضدِّه.
الثاني: بيان القول الأولى، مع أن غيره يكون له وجه صحيح.
الثالث: التنبيه على أن السياق مازال يتحدث عن قضية معينة لم ينتقل عنها بعد، وكثيرًا ما يستخدمها في القضايا ذات الموضوع الواحد ـكالقصص ـ لذا تراه أحينًا ينحو بعبارته في تفسير بعض العمومات إلى ما يظنه القارئ تخصيصًا، وهو لا يريد ذلك، يل يريد التنبيه على أن السياق مازال متصلاً في الحديث عن موضوع واحد.
وما ذُكر في هذا المثال يدخل في باب تنازع قواعد الترجيح للمثال الواحد، وهذا التنازع موجود في أمثلة تفسيرية كثيره، ومما يحسن التنبيه عليه أن الطبري رحمه الله تعالى لا يذكر الحديث النبوي، ثم يعرض عن دلالته إلا أن يكون الحديث عنده غير صحيح، وهذا ظاهر في تفسيره أيضًا، ولولا طول النقول لذكرت أمثلة لذلك، لكن يمكن الرجوع إلى عدم القول بالحديث لضعفه عنده تفسير قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، ولعتماده الحدبث مع ورود الاختلاف في فهم الآية قوله تعالى (يوم نقول لجهنم هل امتلأت)، و لايُتصور في عالم مثل الطبري متبع للآثار يذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعرض عنه.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 Nov 2006, 02:55 م]ـ
السلام عليكم
ممّا يشرّفني أن تخاطبني أيها الأستاذ الكبير مساعد الطيّار---وطلباتك أوامر--
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[01 Dec 2006, 06:07 ص]ـ
السلام عليكم
قال تعالى
({قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الأحقاف10
قال فيها الطبري
(وقوله: {وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ} اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقالبعضهم: معناه: وشهد شاهد من بني إسرائيل، وهو موسى بن عمران عليه السلام على مثله، يعني على مثل القرآن، قالوا: ومثل القرآن الذي شهد عليه موسى بالتصديق التوراة)
ثم أورد أقوال القائلين بذلك من مثل
(عن مسروق في هذه الآية: {وشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ} فخاصم به الذين كفروا من أهل مكة، التوراة مثل القرآن، وموسى مثل محمد صلى الله عليه وسلم.)
ونقل أيضا (عن الشعبيّ، قال: إن ناساً يزعمون أن الشاهد على مثله: عبد الله بن سلام، وأنا أعلم بذلك، وإنما أسلم عبد الله بالمدينة، وقد أخبرني مسروق أن آل حم إنما نزلت بمكة، وإنما كانت محاجة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه، فقال: {قُلْ أرأيْتُمْ إنْ كانَ مِنْ عنْدِ اللَّهِ} يعني الفرقان {وشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ} فمثل التوراة الفرقان، التوراة شهد عليها موسى، ومحمد على الفرقان صلى الله عليهما وسلم.
ثم قال
(وقال آخرون: عنى بقوله: {وشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ} عبد الله بن سلام، قالوا: ومعنى الكلام وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثل هذا القرآن بالتصديق. قالوا: ومثل القرآن التوراة.)
وذكر منهم
(حدثني يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف التَّنِّيسي، قال: سمعت مالك بن أنس يحدّث عن أبي النضر، عن عامر بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه، قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام قال: وفيه نزلت {وشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ}.
ثمّ خلص إلى النتيجة فقال
(والصواب من القول في ذلك عندنا أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل، لأن قوله: {قُلْ أرأيْتُمْ إنْ كانَ مِنْ عنْدِ اللَّهِ وكَفَرْتُمْ بِهِ وشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ} في سياق توبيخ الله تعالى ذكره مشركي قريش، واحتجاجاً عليهم لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه الآية نظيرة سائر الآيات قبلها، ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر، فتوجه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت، ولا دلّ على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدّم الخبر عنهم معنى، غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك عنى به عبد الله بن سلام وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به، فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك، وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني على مثل القرآن، وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمداً مكتوب في التوراة أنه نبيّ تجده اليهود مكتوباً عندهم في التوراة، كما هو مكتوب في القرآن أنه نبيّ.)
وتوجيه الكلام هو أنّ الطبري مقتنع بكلام مسروق حول الآية وإنّ الشاهد هو موسى- عليه السلام--ولكن الآثار عن الصحابة والتي فيها أنّ الشاهد هو عبد الله بن سلام جعلته يعدل عن اقتناعه---وتصرفه فيه دلالة على خطأ منهج النظر المستقل في كتاب الله بدون أيّ اعتبار لأقوال الصحابة
¥