تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

طويل. وكل من طالت صحبته بالشيء، فهو متمتع به" (25)، ومُتعة الحج: ضمّ العمرة إليه.

يجد: "من الوُجد، وهو الطَّول والقدرة" (26).

واتقوا: "الوقاية: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضرّه، والتقوى: جعل النفس في وقاية مما يُخاف، هذا تحقيقه، ثم يسمى الخوف تارة تقوى، وصارت التقوى في تعارف الشرع: حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور" (27).

التفسير والبيان

?وأتموا الحج والعمرة لله ?: أمر من الله تعالى للمؤمنين بأن يُتِمُّوا الحج والعمرة، واختلف المفسرون في معنى الإتمام على أقوال (28)، أهمها قولان:

1. أن الآية ليست بياناً لوجوب أصل الحجّ والعمرة، وإنما هي أمر بالإتمام على مَن شرع فيهما، وهذا ما عليه جمهور المفسرين (29).

2. أن الآية بيان لوجوب أصل الحجّ والعمرة، فهي أمر بالوجوب ابتداءً على نعت الكمال والتمام، أي أن يأتوا بهما تامّين كاملين بمناسكهما وشرائطهما، وقد قال بهذا القول الإمام الرازي (30).

ويبدو لي أن الراجح ما عليه الجمهور؛ لأن الظروف التي أحاطت بنزول الآية تؤيد أن المقصودَ الإتمامُ بعد الشروع في العمل، فقد جاءت الآية لترشدهم إلى كيفية الخروج من الوضع الذي قد تلبسوا فيه، وهو الإحرام؛ وذلك لأن المسلمين صُدُّوا عن البيت بعد أن أحرموا، والإحرام شروع في أعمال الحج والعمرة، فتضمنت الآية أمراً عاماً بوجوب إتمام الحج والعمرة على من شرع فيهما، ثم بينت المخرج لمن طرأ له مانع يمنعه من الإتمام، قال أبو السعود: "?وأتموا الحج والعمرة لله?: بيان لوجوب إتمام أفعالهما عند التصدي لأدائهما، وإرشاد الناس إلى تدارك ما عسى يعتريهم من العوارض المُخِلَّة بذلك من الإحصار ونحوه، من غير تعرّضٍ لحالهما أنفسهما من الوجوب وعدمه، كما في قوله تعالى:? ثم أتموا الصيام إلى الليل? [البقرة:187]، فإنه بيان لوجوب مدّ الصيام إلى الليل من غير تعرّضٍ لوجوب أصله، وإنما هو بقوله تعالى:? كتب عليكم الصيام? [البقرة:183]، كما أن وجوب الحج بقوله تعالى:? ولله على الناس حج البيت? [آل عمران:97]، فإن الأمر بإتمام فعل من الأفعال ليس أمراً بأصله ولا مستلزماً له أصلاً، فليس فيه دليل على وجوب العمرة قطعاً (1)، … فالمعنى: أكملوا أركانهما وشرائطهما وسائر أفعالهما المعروفة شرعاً لوجه الله تعالى من غير إخلال منكم بشيء منها .. " (31).

ثم ذكر تعالى أنه مَن أُحصِر، أي مُنع من عدو أو مرض أو نحوه (32) عن إتمام الحج أو العمرة، فعليه أن ينحر ما تيسر له من الهدي ويحلّ من إحرامه في موضعه الذي بلغه: ?فإنْ أُحصرتم فما استيسر من الهدي?، وقد روى الإمام البخاري في صحيحه أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان يقول: أليس حسبكم سنة رسول الله ?؟ إنْ حُبس أحدكم عن الحج، طاف بالبيت وبالصفا وبالمروة، ثم حلّ من كل شيء، حتى يحج عاماً قابلاً، فيهدي، أو يصوم إنْ لم يجد هدياً (33)، "والمقصود من هذا الذبح تحصيل بعض مصالح الحج بقدر الإمكان، فإذا فاتت المناسك لا يفوت ما ينفع فقراء مكة ومن حولها" (34).

ثم نهى ـ تعالى ـ عن حلق الرأس حتى يبلغ الهدي محله:? ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله?، والمعروف أن محله هو الحرم؛ لقوله تعالى:? ثم محلها إلى البيت العتيق ? [الحج:33]، ?هدياً بالغ الكعبة? [المائدة:95].

واختلف المفسرون في الجملة التي عُطف عليها قوله:? ولا تحلقوا?، فذهب جمهورهم إلى أنه

عطف على ?فإنْ أحصرتم?، فهو خطاب للمحصرين، قال شيخ المفسرين: "فإنْ أُحصرتم فأردتم الإحلال من إحرامكم، فعليكم ما استيسر من الهدي، ولا تحلوا من إحرامكم إذا أُحصرتم حتى يبلغ الهدي ـ الذي أوجبته عليكم لإحلالكم من إحرامكم الذي أُحصرتم فيه قبل تمامه وانقضاء مشاعره ومناسكه ـ محلّه؛ وذلك أن حلق الرأس إحلال من الإحرام الذي كان المحرم قد أوجبه على نفسه، فنهاه الله عن الإحلال من إحرامه بحلاقة حتى يبلغ الهدي ـ الذي أباح الله له الإحلال جلّ ثناؤه بإهدائه ـ محله" (35).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير