تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وحينئذ فالذي يجب أن يقال: إنه لم يثبت أنه لغة قريش؛ بل ولا لغة سائر العرب أنهم ينطقون في الأسماء المبهمة إذا ثنيت بالياء

وإنما قال ذلك من قاله من النحاة قياسا، جعلوا باب التثنية في الأسماء المبهمة كما هو في سائر الأسماء وإلا فليس في القرآن شاهد يدل على ما قالوه وليس في القرآن اسم مبهم مبني في موضع نصب أو خفض إلا هذا ولفظه (هذان) فهذا نقل ثابت متواتر لفظا ورسما. ومن زعم أن الكاتب غلط فهو الغالط غلطا منكرا كما قد بسط في غير هذا الموضع.

فإن المصحف منقول بالتواتر وقد كتبت عدة مصاحف وكلها مكتوبة بالألف فكيف يتصور في هذا غلط. وأيضا فإن القراء إنما قرءوا بما سمعوه من غيرهم والمسلمون كانوا يقرءون سورة طه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وهي من أول ما نزل من القرآن قال ابن مسعود بنو إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء من العتاق الأول وهن من تلادى. رواه البخاري عنه. وهي مكية باتفاق الناس

قال أبو الفرج وغيره: هي مكية بإجماعهم؛ بل هي من أول ما نزل وقد روي: أنها كانت مكتوبة عند أخت عمر وأن سبب إسلام عمر كان لما بلغه إسلام أخته وكانت السورة تقرأ عندها. فالصحابة لا بد أن قد قرءوا هذا الحرف ومن الممتنع أن يكونوا كلهم قرءوه بالياء كأبي عمرو فإنه لو كان كذلك لم يقرأها أحد إلا بالياء ولم تكتب إلا بالياء فعلم أنهم أو غالبهم كانوا يقرءونها بالألف كما قرأها الجمهور وكان الصحابة بمكة والمدينة والشام والكوفة والبصرة يقرءون هذه السورة في الصلاة وخارج الصلاة ومنهم سمعها التابعون ومن التابعين سمعها تابعوهم فيمتنع أن يكون الصحابة كلهم قرءوها بالياء مع أن جمهور القراء لم يقرءوها إلا بالألف وهم أخذوا قراءتهم عن الصحابة أو عن التابعين عن الصحابة فهذا مما يعلم به قطعا أن عامة الصحابة إنما قرءوها بالألف كما قرأ الجمهور وكما هو مكتوب.

وحينئذ فقد علم أن الصحابة إنما قرءوا كما علمهم الرسول وكما هو لغة للعرب ثم لغة قريش فعلم أن هذه اللغة الفصيحة المعروفة عندهم في الأسماء المبهمة تقول: إن هذان ومررت بهذان، تقولها في الرفع والنصب والخفض بالألف ومن قال إن لغتهم أنها تكون في الرفع بالألف طولب بالشاهد على ذلك والنقل عن لغتهم المسموعة منهم نثرا ونظما وليس في القرآن ما يشهد له ولكن عمدته القياس.

وحينئذ فنقول: قياس هذا بغيرها من الأسماء غلط فإن الفرق بينهما ثابت عقلا وسماعا: أما النقل والسماع فكما ذكرناه وأما العقل والقياس فقد تفطن للفرق غير واحد من حذاق النحاة فحكى ابن الأنباري وغيره عن الفراء قال: ألف التثنية في " هذان " هي ألف هذا والنون فرقت بين الواحد والاثنين كما فرقت بين الواحد والجمع نون الذين وحكاه المهدوي وغيره عن الفراء ولفظه:

قال: إنه ذكر أن الألف ليست علامة التثنية بل هي ألف هذا فزدت عليها نونا ولم أغيرها كما زدت على الياء من الذي فقلت الذين في كل حال قال وقال بعض الكوفيين: الألف في هذا مشبهة يفعلان فلم تغير كما لم تغير. قال: وقال الجرجاني: لما كان اسما على حرفين أحدهما حرف مد ولين وهو كالحركة ووجب حذف إحدى الألفين في التثنية لم يحسن حذف الأولى؛ لئلا يبقى الاسم على حرف واحد فحذف علم التثنية وكان النون يدل على التثنية ولم يكن لتغيير النون الأصلية الألف وجه فثبت في كل حال كما يثبت في الواحد.

قال المهدوي: وسأل إسماعيل القاضي ابن كيسان عن هذه المسألة فقال: لما لم يظهر في المبهم إعراب في الواحد ولا في الجمع جرت التثنية على ذلك مجرى الواحد إذ التثنية يجب أن لا تغير فقال إسماعيل: ما أحسن ما قلت لو تقدمك أحد بالقول فيه حتى يؤنس به فقال له ابن كيسان: فليقل القاضي حتى يؤنس به فتبسم.

قلت: بل تقدمه الفراء وغيره والفراء في الكوفيين مثل سيبويه في البصريين؛ لكن إسماعيل كان اعتماده على نحو البصريين والمبرد كان خصيصا به.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير