وبيان هذا القول: أن المفرد " ذا " فلو جعلوه كسائر الأسماء لقالوا في التثنية: " ذوان " ولم يقولوا: " ذان " كما قالوا عصوان ورجوان ونحوهما من الأسماء الثلاثية " وها " حرف تنبيه وقد قالوا فيما حذفوا لامه: أبوان فردته التثنية إلى أصله وقالوا في غير هذا ويدان وأما " ذا " فلم يقولوا " ذوان " بل قالوا كما فعلوا في " ذو " و " ذات " التي بمعنى صاحب فقالوا: هو ذو علم وهما ذوا علم كما قال: {ذواتا أفنان} وفي اسم الإشارة قالوا: " ذان " و " تان " كما قال: {فذانك برهانان من ربك} فإن " ذا " بمعنى صاحب هو اسم معرب فتغير إعرابه في الرفع والنصب والجر فقيل: ذو وذا وذي.
وأما المستعمل في الإشارة والأسماء الموصولة والمضمرات هي مبنية؛ لكن أسماء الإشارة لم تفرق لا في واحده ولا في جمعه بين حال الرفع والنصب والخفض فكذلك في تثنيته؛ بل قالوا: قام هذا وأكرمت هذا ومررت بهذا وكذلك هؤلاء في الجمع فكذلك المثنى قال هذان وأكرمت هذان ومررت بهذان فهذا هو القياس فيه أن يلحق مثناه بمفرده وبمجموعه لا يلحق بمثنى غيره الذي هو أيضا معتبر بمفرده ومجموعه.
فالأسماء المعربة ألحق مثناها بمفردها ومجموعها تقول: رجل ورجلان ورجال فهو معرب في الأحوال الثلاثة: يظهر الإعراب في مثناه كما ظهر في مفرده ومجموعه. فتبين أن الذين قالوا: إن مقتضى العربية أن يقال: إن هذين ليس معهم بذلك نقل عن اللغة المعروفة في القرآن التي نزل بها القرآن؛ بل هي أن يكون المثنى من أسماء الإشارة مبنيا في الأحوال الثلاثة على لفظ واحد كمفرد أسماء الإشارة ومجموعها.
وحينئذ فإن قيل: إن الألف هي ألف المفرد زيد عليها النون أو قيل: هي علم للتثنية وتلك حذفت أو قيل بل هذه الألف تجمع هذا وهذا معنى جواب ابن كيسان وقول الفراء مثله في المعنى وكذلك قول الجرجاني وكذلك قول من قال: إن الألف فيه تشبه ألف يفعلان. ثم يقال: قد يكون الموصول كذلك كقوله: {واللذان يأتيانها منكم} فإن ثبت أن لغة قريش أنهم يقولون رأيت الذين فعلا ومررت باللذين فعلا وإلا فقد يقال: هو بالألف في الأحوال الثلاثة لأنه اسم مبني والألف فيه بدل الياء في الذين وما ذكره الفراء وابن كيسان وغيرهما يدل على هذا؛ فإن الفراء شبه هذا بالذين وتشبيه اللذان به أولى وابن كيسان علل بأن المبهم مبني لا يظهر فيه الإعراب فجعل مثناه كمفرده ومجموعه وهذا العلم يأتي في الموصول.
يؤيد ذلك: أن المضمرات من هذا الجنس والمرفوع والمنصوب لهما ضمير متصل ومنفصل؛ بخلاف المجرور فإنه ليس له إلا متصل؛ لأن المجرور لا يكون إلا بحرف أو مضاف لا يقدم على عامله فلا ينفصل عنه فالضمير المتصل في الواحد الكاف من أكرمتك ومررت بك وفي الجمع أكرمتكم ومررت بكم وفي التثنية زيدت الألف في النصب والجر فيقال: أكرمتكما ومررت بكما كما نقول في الرفع ففي الواحد والجمع فعلت وفعلتم وفي التثنية فعلتما بالألف وحدها زيدت علما على التثنية في حال الرفع والنصب والجر كما زيدت في المنفصل في قوله " إياكما " و " أنتما ".
فهذا كله مما يبين أن لفظ المثنى في الأسماء المبنية في الأحوال الثلاثة نوع واحد، لم يفرقوا بين مرفوعه وبين منصوبه ومجروره كما فعلوا ذلك في الأسماء المعربة وأن ذلك في المثنى أبلغ منه في لفظ الواحد والجمع إذ كانوا في الضمائر يفرقون بين ضمير المنصوب والمجرور وبين ضمير المرفوع في الواحد والمثنى ولا يفرقون في المثنى وفي لفظ الإشارة والموصول ولا يفرقون بين الواحد والجمع وبين المرفوع وغيره ففي المثنى بطريق الأولى.
والحمد لله وحده. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
مجموع الفتاوى (3/ 357)
لشيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[28 - 05 - 2008, 01:32 م]ـ
بوركت الأنامل - أخي راكان العنزي - التي تقطر عسلا.
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[28 - 05 - 2008, 02:30 م]ـ
:::
هذان لساحران أم هذين لساحرين؟
جاء فى سورة طه الآية 63 (إنْ هذانِ لَساحِرَانِ)، لكن يبدو أن بعض الناس، وبعض جهلة اللغة العربية، وكذلك بعض مثيري الشبهات من المنصرين والمستشرقين والملحدين لا يفهمون هذه الصورة النحوية ويظنون أن الصواب هو أن يقال: إنْ هذين لساحرين.
(إن الناصبة) هي (إنَّ) وليست (إنْ بالسكون) وهى مخففة من ان، وإنْ المخففة تكون مهملة وجوباً إذا جاء بعدها فعل، أما إذا جاء بعدها اسم فالغالب هو الإهمال نحو: (إنْ زيدٌ لكريم)، ومتى أُهمِلَت يقترن خبرها باللام المفتوحة وجوباً للتفرقة بينها وبين (إنْ النافية) كى لا يقع اللّبس. واسمها دائماً ضمير محذوف يُسمَّى (ضمير الشأن) وخبرها جملة، وهى هنا (هذان ساحران).
...
ـ[أحمد الخضري]ــــــــ[28 - 05 - 2008, 07:36 م]ـ
السلام عليكم
أليس الكوفيون يعربون ما ثني من أسماء الإشارة والأسماء الموصولة أنها مبنية على الألف إذ لايجوز عندهم أن تثنى بالياء في حالتي النصب والجر باعتبار أنها مبنية كلها عندهم.
وأيد هذا الرأي الدكتور خالد العجيمي الذي كان يدرسنا آنذاك.
تحياتي ...
¥