ـ أما قولهم " إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا "، فلا حجة لهم فيه؛ لأن إنْ فيه شرطية، وقولهم إن إن الشرطية تفيد معنى الشك، قلنا وقد تستعملها العرب وإن لم يكن هنا لا شك جريء على عاداتهم في إخراج كلامهم مخرج الشك، وإن لم يكن هناك شك على ما بينا قبل.
المسألة الثانية والعشرون
إن الواقعة بعد ما النافية، أنافية مؤكدة أم زائدة؟
رأي الكوفيون:
إلى أنَّ (إن) إذا وقعت بعد ما، نحو: ما إنْ زيدٌ قائم، فإنها بمعنى ما.
رأي البصريون:
إلى أنها زائدة.
حجج الكوفيون:
احتج الكوفيون بالنقل، ومن ذلك قولة تعالى " إن الكافِرُون إلاّ في غرورٍ "، أي ما الكافرون إلا في غرور، وقولة تعالى " إن أنتم إلاّ تكذبون "، أي ما أنتم،
وقولة تعالى " قُل إنْ كان لِلرّحمن وَلدٌ "، أي ما كان للرحمن ولد.
حجج البصريون:
الدليل على أنها هاهنا زائدة؛ إن دخولها كخروجها فإنه لا فرق في المعنى بين قول القول والقائل، نحو: ما إن زيدٌ قائم، وبين ما زيد قائمًا، فلما كان خروجها كدخولها تنزلت منزلة من بعد النفي.
رد البصريون على الكوفيين:
ـ أما قولهم إنها تكون بمعنى ما فيرد على ذلك البصريون إننا لا نسلم، أنها تكون بمعنى ما في موضع ما.
ـ أما ما احتجوا به فأكثره نقول بموجبه؛ إذ لا نمنع أن تقع في بعض المواضع بمعنى ما.
المسألة الثالثة والعشرون
هل يجوز تقديمُ اسمٍ مرفوع أو منصوب في جملة جواب الشرط
رأي الكوفيون:
قالوا أنه إذا تقدم الاسم المرفوع في جواب الشرط؛ فإنه لا يجوز فيه الجزم، ووجب الرفع، نحو: إن تأَتني زيدٌ يكرمُك، واختلفوا في تقديم المنصوب في جواب الشرط، نحو: إن تأتني زيدًا أُكرم.
رأي البصريون:
قالوا أن تقديم المرفوع والمنصوب في جواب الشرط كله جائز.
حجج الكوفيون:
قالوا إما قلنا إنه لا يجوز فيه الجزم وذلك؛ لأن جزم جواب الشرط إنما كان لمجاورته فعل الشرط، فإذا فارقه بتقديم الاسم يطلب المجاورة الموجبة للجزم، فيبطل الجزم وإذا بطل الجزم وجب فيه الرفع.
حجج البصريون:
إنما قلنا إنه يجوز وذلك؛ لأنه يجب أن يقدر فيه فعل كما وجب التقدير مع تقديم الاسم على فعل الشرط؛ لأن حرف الشرط يعمل فيهما على ما بينا، فكما وجب التقدير مع تقديمه على فعل الشرط، فكذلك مع تقديمه على جواب الشرط ولا فرق بينهما.
رد البصريون على الكوفيين:
ـ أما قولهم لا يجوز فيه الجزم؛ لأن الجزم في جواب الشرط، إنما كان لمجاورته فعل الشرط فإذا فارقه بتقديم الاسم وجب أن يبطل الجزم.
ـ ودليل على فساد ما ذهب إليه الفراء من منع جواز تقديم المنصوب، قول طُفيلٍ: وَلِلخيل أَيَّامٌ؛ فَمن يَصطِبر لها وَيَعرِف لها أَيَّامها الخيرَ تُعقِبِ
فنصب الخير بتعقب، وتقديره تعقب الخير.
المسألة الرابعة والعشرون
ناصب المضارع بعد لام التعليل
رأي الكوفيون:
ذهب الكوفيون إلى أن لام كي هي ناصبه للفعل من غير تقدير (أنْ)،
نحو: جئتك لتكرمني.
رأي البصريون:
قالوا أن الناصب للفعل أنْ مقدرة بعدها، والتقدير: جئتك لأن تكرمني.
حجج الكوفيون:
إنما قلنا إنها هي الناصبة؛ لأنها قامت مقام كي، ولهذا تشتمل على معنى كي، وكما أن كي تنصب الفعل فكذلك ما قام مقامه.
حجج البصريون:
قلنا أن الناصب للفعل أن المقدرة دون اللام وذلك؛ لأن اللام من عوامل الأسماء وعوامل الأسماء لا يجوز أن تكون عوامل الأفعال، فوجب أن يكون الفعل منصوبًا بتقدير أن، وإنما وجب تقدير أن دون غيرها؛ لأن أن يكون مع الفعل بمنزلة المصدر الذي يحسن أن يدخل عليه حرف الجر.
رد البصريون على الكوفيين:
إنما قلنا هي الناصبة؛ لأنها قامت مقام كي وكي تنصب فكذلك ما قام مقامها قلنا لا نسلم أن كي تنصب بنفسها على الإطلاق وإنما تنصب تارة بتقدير أن؛ لأنها حرف جر، وتارة تنصب بنفسها وليس حملها على إحدى الحالين أولى من الأخرى، بل حملها عليها في الحالة التي تنصب الفعل فيه بتقدير أن أولى من حملها عليها في الحالة التي تنصب الفعل بنفسها؛ لأنها في تلك الحالة تنصب الفعل بتقدير حرف نصب.
المسألة الخامسة والعشرون
وزن الخماسي المكرر ثانية وثالثة
رأي الكوفيون:
أن صمحمح ودمكمك، على وزن فَعلَّلِ.
رأي البصريون:
¥