إنها إنما أعربت؛ لأنه دخلها المعاني المختلفة والأوقات الطويلة.
رأي البصريون:
إلى أنها إنما أعربت لثلاثة أوجه وهي كالتالي:
1 ـ أن الفعل المضارع يكون شائعًا فيتخصص، كما في الاسم، ألا ترى أنك تقول يذهب، فيصلح للحال والاستقبال، فإذا قلت سوف يذهب اختص بالاستقبال، فاختص بعد شياعه.
2 ـ أنه تدخل عليه لام الابتداء، تقول إن زيدًا ليقومُ، كما تقول إن زيدًا لقائم، فلما دخلت عليه لام الابتداء كما تدخل على الاسم دل على مشابهة بينهما.
3 ـ أنه يجرى على اسم الفاعل في حركته وسكونه، ألا ترى أن قولك يضرب، على وزن ضارب في حركته وسكونه.
رد البصريون على الكوفيين:
ـ أما قولهم إنها أعربت؛ لأنها دخلها المعاني المختلفة، فيرد على ذلك البصريون بأن قولهم يبطل بالحروف؛ فإنها تدخلها المعاني المختلفة، ألا ترى أن أّلا تصلح للاستفهام والعرضِ والتمني.
ـ أما قولهم الأوقات الطويلة، فيرد على ذلك البصريون بأنه يبطل بالفعل الماضي؛ فإنه كان ينبغي أن يكون معربًا؛ لأنه أطول من المستقبل؛ لأن المستقبل يصير ماضيًا، والماضي لا يصير مستقبلاً.
المسألة التاسعة والعشرون
علة بناء الآن
رأي الكوفيون:
إلى أن الآن مبني؛ لأن الألف واللام دخلتا عل فعل ماضٍ من قولهم: آن يَئِنُ، أي حان، وبقى الفعل على فتحته.
رأي البصريون:
إلى أنه مبني؛ لأنه شابه اسم الإشارة ولهم فيها أيضًا أقوال.
حجج الكوفيون:
إنما قلنا ذلك؛ لأن الألف واللام فيه بمعنى الذي، ألا ترى أنك إذا قلت: الآن كان كذا، كان المعنى الوقت الذي آن كان كذا، وقد نقام الألف واللام مقام الذي لكثرة الاستعمال؛ طلبًا للتخفيف.
قال الشاعر: مَا أنت بِالحكَمِ التُّرصَى حُكُومتهُ وَلا البَلِيغِ وَلا ذي الرَّأيِ وَالجدلِ
أراد (الذي تُرضى).
حجج البصريون:
قلنا ذلك؛ لأن سبيل الألف واللام أن يدخلا لتعريف الجنس، كقولة تعالى " إن الإنسان لفي خُسرٍ "، وكقولهم: الرجل خير من المرأة، وقولة تعالى " كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول ".
رد البصريون على الكوفيين:
ـ أما قولهم إن الألف واللام فيه بمعنى الذي، فيرد على ذلك البصريون بأن هذا فاسدٌ؛ لأن الألف واللام إنما يدخلان على الفعل وهما بمعنى الذي في ضرورة الشعر.
ـ وأما ما شبهوه به من نهيه صلِّ الله عليه وسلم عن قِيل وقال فليس بمشبه له؛ لأنه حكاية، والحكايات تدخل عليها العوامل فتَُحكى، ولا تدخل الألف واللام؛ لأن العوامل لا تغير معاني ما تدخل عليه كتغيير الألف واللام، ألا ترى أنك تقول: ذهب تأبَّطَ شَرًّا، وَبَرق نَحرُهُ، ولا تقول: هذا التأبط شرا، ولا البرق نح
المسألة الثلاثون
هل يُحذَفُ آخر المقصور والممدود عند التثنية إذا كثرت حروفهما
رأي الكوفيون:
إلى أن الاسم المقصور إذا كثرت حروفه سقطت ألفه في التثنية، فقالوا في تثنية خوزلي وقهقري خوزلان وقهقران، وذهبوا أيضًا فيما طال من الممدود إلى أنه يحذف الحرفان الآخران، نحو: قَاصعاء قاصعان، وحاثِياء حاثِيَان.
رأي البصريون:
قالوا أنه لا يجوز حذف شيء من ذلك في مقصور ولا ممدود.
حجج الكوفيون:
إنما قلنا إنه يجوز ذلك؛ لأنه كثرت حروفهما وطال اللفظ بهما والتثنية توجب زيادة ألف ونون أو ياء ونون عليها ازدادا كثرة وطولا، فاجتمع فيهما ثقلان ثقل أصليّ وثقل طارئ؛ فجاز يحذف منهما لكثرة حروفهما كما يحذفون لكثرة الاستعمال، نحو اشهابَّ اشهبابًا، احمارّ احمرارًا.
حجج البصريون:
قالوا أنه لا يحذف منهما شيء؛ لأن التثنية إنما وردت على لفظ واحد؛ فينبغي أن لا يحذف منه شيء قلت حروفه أو كثرت نحو: جمادى جماديين، من غير حذف.
رد البصريون على الكوفيين:
ـ أما قولهم إنما قلنا إنه يحذف لكثرة حروفه وطول لفظها فيرد على ذلك البصريون، بأن كثرة الحروف لا تكون علة موجبة للحذف، وإنما يوجد ذلك في ألفاظ يسيرة نقلت عنهم على خلاف الأصل والقياس، فيجب الاقتصار على تلك المواضع ولا يقاس عليها.
ـ أما قولهم باشهباب بالتشديد فمخالف لما وقع الخلاف فيه؛ لأن الثقل فيها لازم في أصل الكلمة غير عارض.
المسألة الواحد والثلاثون
هل يجوز نقل حركة همزة الوصل إلى الساكن قبلها
رأي الكوفيون:
¥