قالوا أنه منصوب بفعل مقدر فاحتجوا؛ لأن في الذي ظهر دلالة عليه، فجاز إضماره استغناء بالفعل الظاهر عنه، كما لو كان متأخرًا وقبله ما يدل عليه.
رد البصريون على الكوفيين:
ـ أما قولهم لأن المكنىَّ هو الأول في المعنى، فيرد على ذلك البصريون بأنه فاسدٌ وذلك؛ لأن انتصاب زيد في قولهم " أكرمت أباك زيدًا، على البدل وجاز أ يكون بدلاً؛ لأنه تأخر عن المبدل عمه؛ إذا لا يجوز أن يكون البدل متأخرًا عن المبدل عنه، وأما هاهنا فقد تقدم زيد على الهاء، فلا يجوز أن يكون بدلاً منها × لأنه لا يجوز أن يتقدم البدل على المبدل منه، على أنّا نقول: إن العامل في البدل عندنا غير العامل في المبدل منه، وإن العامل في المبدل منه على تقدير التكرير في البدل، والذي يدل على ذلك إظهاره في البدل كما أظهره في المبدل منه، كقولة تعالى " قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم " فقولة (لمن آمن منهم) بدل من قوله (للذين استضعفوا) فأظهر العامل في البدل كما أظهره في المبدل منه، وإن العامل في البدل غير العامل في المبدل منه.
المسألة الرابعة عشر
إبراز الضمير إذا جرى الوصف على غير صاحبه
رأي الكوفيون:
ذهب الكوفيون إلى أن الضمير في اسم الفاعل إذا جرى على غير مَنْ هو له
نحو: قولك هند زيدٌ ضاربتُهُ هي، لا يجب إبرازه.
رأي البصريون:
ذهب البصريون إلى أنه يجب إبرازه وأجمعوا على أن الضمير في اسم الفاعل إذا جرى على مَنْ هو له لا يجب إبرازه.
حجج الكوفيون:
احتج الكوفيون بالنقل، فقد جاء عن العرب أنهم قد استعملوه بترك إبرازه فيه إذا جرى على غير من هو له، قال الشاعر:
وإنّ امرأَ أسدى إِليك ودونه من الأرض موماةٌ وبيداء وإسحاق
لمحقوقةٌ أن تستجيبي دعاءَهُ وأن تعلمي أنَّ المعان مُوفَّقُ
فترك إبراز الضمير ولو أبرزه لقال (محقوقةٌ أنتِ).
وقول الشاعر: يرى ارباقهم متقلّديها كما صدئ الحديدُ على الكُماه.
فترك إبرازه ولو أبرزه لقال: (متقلّديها هم)
حجج البصريون:
الدليل على أنه يجب إبرازه إذا جرى على غير من هو له أنا أجمعنا على أن اسم الفاعل فرعٌ على الفعل في تحمل الضمير إذا كانت الأسماء لا أصل لها في تحمل الضمير، وإنما يضمر فيما شابه منها الفعل كاسم الفاعل نحو: ضارب وقاتل، والصفة المشبهة به نحو: حسن وشديد، وما أشبه ذلك.
رد البصريون على الكوفيين:
ـ أما قولهم في البت الأول (لمحقوقةٌ أن تستجيبي دعاءهُ)، فلا حجة لهم فيها؛ لأنه محمول عندنا عن الاتساع والحذف، والتقدير فيه لمحقوقة بك.
ـ أما قولهم في البيت الثاني (ترى ارباقهم متقلديها)، فلا حجة لهم فيها؛ لأن التقدير فيه ترى أصحاب ارباقهم إلا أنه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كما قال تعالى " واسأل القرية " أي أهل القرية.
المسألة الخامسة عشر
إضافة الاسم إلى اسم يوافقه في المعنى
رأي الكوفيون:
ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان.
رأي البصريون:
ذهب البصريون إلى أن ذلك لا يجوز.
حجج الكوفيون:
احتج الكوفيون بالنقل، فقد جاء ذلك في كتاب الله تعالى وكلام العرب،
قال تعالى " أن هذا لهو حق اليقين "، واليقين نعت للحق؛ لأن الأصل الحق اليقين، والنعت في المعنى هو المعنى هو المنعوت.
حجج البصريون:
احتجوا بأن قالوا إنما قلنا لا يجوز؛ لأن الإضافة إنما يراد بها التعريف والتخصيص، والشيء لا يتصرف بنفسه؛ لأنه لو كان فيه تعريف كان مستغنيًا عن الإضافة وأن لم يكن فيه تعريف كان ضافية إلى الاسم ابعد من التعريف أن يستحيل أن يصير شيئًا آخر.
رد البصريون على الكوفيين:
قالوا بأنه ما احتجوا به من آيات قرآنية لا حجة لهم فيها؛ لأنه كان محمول على حذف المضاف إليه وإقامة صفته مقامه، والتقدير أن هذا هو حق اليقين، التقدير فيه حق الأمر اليقين، فإذا كان محمولاً على حذف المضاف إليه وأقامه صفته مقامه، لم يكن لهم فيه حجة.
المسألة السادسة عشر
نداء الاسم المحلي بال التعريف
رأي الكوفيون:
قالوا أنه يجوز نداء ما فيه الألف واللام، نحو: يا الرجل، ويا الغلام.
رأي البصريون:
قالوا لا يجوز ذلك.
حجج الكوفيون:
¥