سيبويه لم يقل إن همزة أل تقطع في الاستفهام كما فهمتم، وإنما هو يتحدث عن مسألة أخرى هي الحذف، وإنما شبهها بهمزة (أحمر) من حيث أنها لا تحذف في الاستفهام، وليس الشبه بينهما من حيث القطع، ولو تشابهتا من حيث القطع لقلت (أأ لكتاب لسيبويه؟) كما تقول (أأحمر التفاح؟)، ولكنهم لما أرادوا إبقاءها لعلة وفي الوقت نفسه لم يريدوا قطعها التمسوا لها ما يحقق الأمرين وهو جعلها مدة فتقول (آلكتاب لسيبويه؟)
وبهذا يكون ما استدللتم به على (تصريح سيبويه بأن همزة أل لا تقطع إلا في الاستفهام) بعيدا عما أردتم الاستدلال عليه، فهو يتكلم على مسألة الحذف والبقاء وأنتم تتكلمون على الوصل والقطع.
وأما مسوغ قطع همزة الوصل عند سيبويه فهو عام وهو التغيير من حال إلى حال وقد نص على ذلك في معرض كلامه على الفعل بقوله:
" ... لأنك قد غيِّرتها عن تلك الحال. ألا ترى أنك ترفعها وتنصبها. وتقطع الألف؛ لآن الأسماء لا تكون بألف الوصل ولا يحتجّ باسمٍ ولا ابن، لقلّة هذا مع كثرة الأسماء "
وموجب إبقاء همزة الوصل على حالها عند سيبويه عام هو عدم التغيير من حال إلى حال، وقد نص على ذلك في معرض كلامه على التسمية بالأسماء كالمصدر بقوله:
" ولو سمَّيته انطلاقاً لم تقطع الألف، لأنَّك نقلت اسماً إلى اسم ... "
وبتأمل دقيق في مسوغ القطع عنده، وفي قوله (لآن الأسماء لا تكون بألف الوصل ولا يحتجّ باسمٍ ولا ابن، لقلّة هذا ... ) يتبين لنا أن (أل) إذا صارت اسما انطبق عليها مسوغ القطع وهو التغيير من حال الحرفية إلى حال الاسمية، فصارت من الأسماء التي لا تكون بألف الوصل، (ولا يحتج باسم ولا ابن) كما قال سيبويه.
فإن قال قائل: ولكن سيبويه اقتصر في أمثلته لنقل المبدوء بهمزة الوصل إلى الاسمية على الأفعال والمصادر ولم يذكر الحروف، قلتُ لأن الأفعال والمصادر المبدوءة بهمزة الوصل كثيرة فحظيت باهتمامه، أما الحروف فلا يوجد منها إلا حرف واحد هو (أل) ولم يكن معاصرو سيبويه ومن قبلهم يستعملون (أل) اسما إلا نادرا، وإنما يقولون (الألف واللام) لذلك سكت عنه ولم يمثل له، وإلا فهو إن نقل إلى الاسمية انطبق عليه مسوغ القطع وهو التغيير من حال إلى حال.
أما الحروف فليس فيها إلا حرف واحد مبدوء بهمزة الوصل، وهو (ال) ولا تنطبق عليه قاعدة الأفعال كما فهم ابن هشام رحمه الله
شيخنا الكريم
ليس في كلام سيبويه ما يدل على إخراج (أل) من حكم القطع إذا انتقلت إلى الاسمية، ولا يصح القول بأنها غير داخلة في الحكم إلا بأحد أمرين:
أحدهما: إثبات أنها ليست اسما في قولك (الاسم المعرف بأل) وأنها ما زالت على حرفيتها فينتفي تغييرها من حال إلى حال فتبقى على وصلها كما بقيت همزة (انطلاق) اسما على وصلها لعدم التغيير كما قرر سيبويه.
والآخر: أن يكون سيبويه استثناها بعينها صراحة من الحكم مع انطباق المسوغ عليها.
وكلا الأمرين غير متحقق، وعلى ذلك يكون رأي ابن هشام ـ عندي ـ أكثر موافقة لقول سيبويه من القول بأن القطع لا ينطبق على أل إذا صارت اسما.
تحياتي ومودتي.
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 01:00 ص]ـ
بارك الله بالمتحاورين جميعًا لما تفلضوا به من علم وتحقيق وتدقيق، ولكني أود أن أنتهز الفرصة لأقول رأيًا أعرضه لا أفرضه:
1) تسقط همزة الوصل (أي لا يؤتى بها) في درج الكلام كأن تأتي بعد همزة الاستفهام:
استطاع زيد> أ+ استطاع زيد> أستطاع زيد
ويستثنى من ذلك همزة الوصل من أداة التعريف لأنها إن حذفت (لم يؤت بها) التبست همزة الاستفهام بها؛ ولذلك يبقى عليها فيحصل محذور صوتي هو اجتماع مقطعين مهموزين وهو مكروه ولذلك تحذف همزة الوصل فتجتمع فتحتان فتحة همزة الاستفهام وفتحة همزة الوصل.
ء ـَ+ء ـَ لبيت قريب>ء ـَ × ـَ لبيت قريب>ء ـَ ـَ لبيت قريب=
ء البيت قريب=آلبيت قريب
2) إذا نقل اللفظ إلى العلمية قطعت همزة الوصل منه بغض الطرف عن أصله فقد يكون فعلا مثل: إصمت أو مصدرًا مثل إنطلاق. وهذا إشعار بالنقل إلى العلمية. وهذا رأي ابن الطراوة.
ويستثنى ما كان داخلا في مركب إضافي (امرؤالقيس/ عبدالله) وما نقل محلى بأل.
والله ولي التوفيق.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 08:34 ص]ـ
شيخنا الكريم د. بهاء الدين حفظه الله
¥