وقد نقلها أئمة اللغة على أنها لغات، وبذلك ألجموا من ذهب إلى أن بابها الشعر فقط. (1) ومن أوجه تخفيف (الذي) قول بعضهم (لذي) بحذف (ال)،قال أبو حيان ولم يذكر ابن مالك شاهداً على تخفيف (الذي) وفروعه إلا قراءة أعرابي حكاها أبو عمرو (صِراط لذين) و في كتاب الشواذ لأبي محمد عبد السلام من قبيلة المقري السلام (صراط لذين) قرأ أُبي بن كعب وابن السميفع وأبو رجاء بتخفيف اللام حيث كان: جمعاً أو واحداً .. (2)
ولكن هل يعني ذلك أن (ال) بعضٌ من (الذي)؟؟ إنّ من النحاة من ذهب إلى هذا القول فاعتبر (ال) بقية (الذي) كما في قول الشاعر: من القوم الرسول الله منهم ....... أي الذين رسول الله منهم، فحذف الاسم اكتفاء بالألف واللام. كذلك قال بعضهم بأن (ال) في قول الشاعر: ما أنت بالحكم الترضى حكومته ........ بقية الذي (3)
وقال أبو حيان في ارتشاف الضرب"ما ورد من ذلك ـ أي دخول ال على مضارع ـ أصله الذي، فحذف إحدى اللامين و (ذي) ضرورة وبقي منه (ال) " (4) كما ذهب الزمخشري أيضاً إلى أنها منقوصة من الذي وأخواتها ذلك لأن الموصول مع صلته التي هي جملة بتقدير اسم مفرد فتثاقل ما هو كالكلمة الواحدة بكون أحد جزئيها جملة، فخفف الموصول تارة بحذف بعض حروفه إذ قالوا في (الذي) (الذْ) بسكون الذال وتارة بحذف بعض الصلة. (5) فقد ورد في أوائل الكشاف عند تفسير (كمثل الذي استوقد ناراً) قوله: إن (ال) في الصفات بعض الذي وإنما لكثرة الاستعمال متوصلاً به إلى وصف المعارف بالجمل نهكوه بالحذف، فحذفوا تارة الياء وحدها وتارة الياء والكسرة وتارة اقتصروا على (ال) وظاهر كلام الزمخشري بل صريحه في المفصّل أن اللام في الذي حرف تعريف وأن اللام التي تعد من الموصولات هي تلك اللام التي كانت في الذي إلا أنها تُعد اسماً لا حرفاً لأنها بمنزلة الذي لكونها تخفيفاً له. وردّ عليه صاحب تعليق الفرائد بقوله: دعوى لا دليل عليها وفيها ما رأيت من جعل الاسم عين الحرف وهو باطل. وقد ردّ الرضي على القائلين بأنّ (ال) بعضٌ من (الذي) بقوله: والأولى أن نقول اللام الموصولة غير لام الذي لأن لام الذي زائدة بخلاف اللام الموصولة، والجمهور على أن اللام التي هي من الموصولات ليست منقوصة من الذي بل اسم موضوع برأسه. (6)
وردّ عليهم كذلك ابن الحاجب في الكافية حين قال:"والأولى أن نقول اللام الموصولة غير لام الذي لأن لام الذي زائدة بخلاف اللام الموصولة وقالوا الدليل على أن هذه اللام موصولة رجوع الضمير عليها في السعة نحو: المرور به زيد".
(7)
إذن .. فـ (ال) ليست جزءاً من (الذي) إنما هي اسم موصول مستقل بذاته ووظيفته وبما يدخل عليه ـ فالرأي الراجح هو رأي الجمهور ـ مثلها في ذلك مثل سائر الأسماء الموصولة، وإنما حيّرتهم لشبهها بالحرف ولدخولها الشائع على المشتقات ودخولها النادر على الأفعال!!
4ـ حكم دخول (ال) على المضارع:
هل هو ضرورة أم اختيار؟
قبل أن نُشمِّرَ القلم ونَنُثَّ المداد ..
لابد أن نُعِّرجَ على جنّةٍ بين أيدينا .. لابُدّ أن نقطف من أثمارها كي يطيبَ بحثنا بفوائدها ويزدهي بألوانها خاصّةً وأنّ ما سنتناوله يُمثّل لُبَّ دراستنا ..
من هنا نبدأ بقول السيوطي في همع الهوامع وهو يقسّم العلماء إلى مذهبين كما ارتأينا تقسيمهم يقول: ((توصل (ال) بصفة محضة وفي المشبه خلاف، وبمضارع اختيار_عند ابن مالك_وقال غيره قبح وبجملة اسمية وظرف ضرورة شعرية))
ثم فصّل ذلك بقوله:
(في وصلها بالفعل المضارع قولان: أحدهما: توصل به، وعليه ابن مالك، لورودها في قوله:
ماانت بالحكم الترضى حكومته
وقوله:
ما كاليروح ويغدو لاهياً فرحا.
وقوله:
إلى ربه صوت الحمار اليجدع.
والثاني:
لا، وعليه الجمهور وقالوا الأبيات من الضرورات القبيحة، ولا توصل بالجملة الاسميه ولا الظرف الا في ضرورة بإتفاق. كقوله:
من القوم الرسول الله منهم.
وقوله:
من لايزال شاكراً على المَعَه.
(أي الذين رسول الله والذي معه) (8)
ومن هنا اختلف العلماء في اتصال (ال) بالفعل المضارع إلى فريقين:
1_ بعضهم قال أن دخولها مخصوص بالشعر أي (ضرورة شعرية)،وعليه جمهور البصريين ..
قال الرماني في معاني الحروف:
((وقد اضطُرَّ الشاعر فأدخلها على الفعل المضارع وذلك نحو
قوله: فيستخرج اليربوع من نافقائه ومن بيته ذي الشيخة اليتقصّعُ
¥